أجزاء نارية ثمّ يعيدها الله تعالى وهكذا ، مع أنّ السند يشهد بإمكانه.
الثاني : أنّهما مخلوقتان الآن. أمّا الجنّة ؛ فلقوله تعالى : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (١) شبه عرضها بعرضهما وإلّا لزم كون الجنّة نفس السماوات والأرض ، ولقوله تعالى في آية أخرى : (كَعَرْضِ السَّماءِ) (٢) ثمّ أخبر تعالى عن أعدادها وتعقّبها بلفظ الماضي ، فتكون الآن واقعة وإلّا لزم الكذب عليه تعالى ، ولإسكان آدم وخروجه عنها (٣). وأمّا النار فلقوله تعالى : (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٤) والتقرير كما سبق.
ومنع أبو هاشم والقاضي عبد الجبار من وجودهما الآن وإلّا لكانتا هالكتين ؛ لقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٥) لكن الثاني باطل ؛ لقوله تعالى : (أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها) (٦).
والجواب : تقدّم معنى الهلاك. سلّمنا أنّ المراد العدم ، لكنه مخصوص ؛ جمعا بين الأدلّة. سلّمنا لكن دوام الأكل ممنوع الظاهر ؛ لأنّ المأكول يفنى بالأكل ضرورة ، بل المراد أنّه كلّما فنى شيء منها حدث عقيبه مثله ، فلا ينافي ذلك عدم الجنة طرفة عين.
الثاني (٧) : عذاب القبر ، ويدلّ على وقوعه بعد كون العلم بذلك لطفا آيات :
الأولى : قوله تعالى في حقّ آل فرعون : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١٣٣.
(٢) الحديد ٥٧ : ٢١.
(٣) فيه تأمّل ؛ فإنّ كون جنّة آدم عليهالسلام جنة الخلد ليس من المسلّمات.
(٤) البقرة ٢ : ٢٤ ؛ آل عمران ٣ : ١٣١.
(٥) القصص ٢٨ : ٨٨. ووافقهما السيد الشريف المرتضى علم الهدى والشريف الرضي رضوان الله عليهما.
انظر حقائق التأويل للشريف الرضي (ره) ج ٥ ، ص ٢٤٥ طبعة النجف سنة ١٣٥٥.
(٦) الرعد ١٣ : ٣٥.
(٧) أي النوع الثاني من بحث إثبات السمعيات.