الإسماع بسبب كون القبر مانعا من وصول الصوت إلى الصماخ (١) هذا مع أنّ للآية محملا آخر ، وهو أنّ المراد : لا تقدر أن تسمع الجهّال إسماعا تاما حتّى ينتفعوا به ؛ لأنّه لمّا استعار للجهّال اسم الأموات في صدر الآية رشح الاستعارة بقوله : (مَنْ فِي الْقُبُورِ) فإنّ الميّت من شأنه أن يكون مقبورا.
الثالث : في باقي السمعيات من الحساب والصراط والميزان وتطاير الكتب وإنطاق الجوارح وأحوال الجنة والنار وكيفيات النعيم والجحيم ، والأصل في ثبوتها أنّها أمور ممكنة ، أخبر الصادق بوقوعها ، فتكون حقّا وإلّا لخرج الصادق عن كونه صادقا ، هذا خلف.
فالحساب عبارة عن إيقان العبد على أعماله الصالحة والطالحة والصراط ، كما ورد عن العسكري (٢) عليهالسلام ، صراطان : دنيوي وهو ما قصر عن العلوّ وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعد (٣) إلى شيء من الباطل ، وأخروي وهو المراد هنا (٤).
فقيل : جسر بين الجنة والنار يمرّ عليه.
وقيل : هو الأعمال الرديئة التي يسأل عنها ويؤاخذ بها ، كأنّه يمرّ عليها ويطول المرور بكثرتها ويقلّ بقلّتها.
والميزان فالمشهور أنّه توزن صحف الأعمال فترجّح على قدر تفاوت الأعمال.
__________________
(١) هذا الجواب كأصل الادّعاء أجنبيّ عن مفاد الآية الشريفة ؛ إذ لا ربط لها لمرامهم كما يشهد بذلك صدر الآية ، قال تعالى : (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) فإنّ الله تعالى استعار للكفّار اسم الأموات ، ثمّ خاطب النبي صلىاللهعليهوآله : إنّك لا تقدر على أن تنفع الكفار المطبوع على قلوبهم بإسماعك إياهم ، فإنّهم لا يقبلون ذلك منك ، كما أنت لا تسمع الأجساد التي في القبور ، فإنّها مدفونة تحت الأرض بل بالية فيها لا يمكن الإسماع لهم.
(٢) الباقر عليهالسلام ـ خ : (آ).
(٣) يعدل ـ خ : (آ).
(٤) هنا تعليق يأتي في آخر الكتاب في تحقيق أنّ من الاعتقادات ما هو من قبيل الواجبات المطلقة ، ومنها ما هو من قبيل الواجبات المشروطة بحصول العلم ، ومن هذا القبيل تفاصيل الصراط والميزان ... ويكفي في مقام الاعتقاد أن يحصل الاعتقاد بها إجمالا.