الثالث : يجوز توقّف الثواب على شرط ؛ إذ لولاه لأثيب العارف بالله مع جهله بالنبيصلىاللهعليهوآله وهو باطل إجماعا.
وبيان الشرطية بأنّ المعرفة طاعة مستقلّة ، ومنعها قوم وإلّا لكان المدح مشروطا. ونمنع كون المعرفة طاعة مستقلّة بل هي جزء الإيمان الذي هو الطاعة.
أجيب عن الأوّل بأنّه جاز كون أحد المعلولين مشروطا بشرط دون الآخر.
وعن الثاني بأنّ الثواب يستحقّ على الأجزاء كاستحقاقه على المجموع ، ولهذا يثاب من عرف الله تعالى ثمّ مات مجتهدا قبل عرفانه بالنبي صلىاللهعليهوآله.
الرابع : أنّه مشروط بالموافاة ، أي ببقائه على الأمور المعتبرة فيه إلى حين الموت ، وخالف قوم وقالوا : إنّ الطاعة سبب تامّ في (١) الاستحقاق فحال حصولها يستحقّ الثواب.
لنا ، قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٢).
وجه الدلالة : أنّ العمل الذي يعقبه الشرك لم يقع باطلا في نفسه وإلّا لما علّق بطلانه على الشرك فيكون صحيحا ، فلو كان علّة في استحقاق الثواب مطلقا ، لكان سقوطه إمّا لذاته وهو باطل وإلّا لما علق ، أو للكفر المتعقّب وهو باطل أيضا ؛ لبطلان الإحباط أو لعدم الموافاة ، وهو المطلوب إذ لا رابع اتفاقا.
الرابع : الحقّ عندنا أنّه يجوز أن يجتمع استحقاق الثواب والعقاب معا ويوصلان على التعاقب كما يجيء ، وقالت المعتزلة بعدم جوازه ، فلو فعل المكلّف طاعة ومعصية معا (٣) اختلفوا في حاله فقال الجبائي : إنّ المتأخّر يسقط المتقدّم سواء ساواه أو زاد أو نقص ، ويسمّيه إحباطا إن تأخّرت المعصية ، وتكفيرا إن تأخّرت الطاعة.
وقال ابنه : أيّهما كان أكثر أسقط الآخر سواء تقدّم أو تأخّر ، ونقل عنه قول آخر وهو أنّهما إن تساويا تساقطا ، وإن تفاوتا أسقط الأقلّ ما قابله وسقط ، ويبقى الزائد
__________________
(١) في سبب ـ خ : (آ).
(٢) الزمر ٣٩ : ٦٥.
(٣) معا ـ خ : (آ).