الأصل ، فيكون أعمّ ، والعامّ لا دلالة له على الخاصّ ، فإذا دلّ الدليل على التخصيص وجب المصير إليه ، وقد بيّنا ذلك.
أو نحمله على الكافر ؛ جمعا بين ما ورد (١) وبين قوله : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (٢) (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٣) وقوله : (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ) (٤) وقوله : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) (٥) وقوله : (أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٦) على أنّ المراد بالآية الأولى فيما ذكروه الكافر ؛ لأنّ الحدود جمع مضاف وهو للعموم ـ كما بيّن في الأصول ـ فيدخل فيه الإيمان ، والفاسق غير متعدّ للإيمان ، وكذا الثانية لقوله بعدها : (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً) (٧) مع أنّ المراد بالفاجر (٨) الكامل في فجوره ، وهو الكافر بدليل قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) (٩).
الرابع : في المسقط العام للعقاب وهو التوبة ، وفيه مسألتان.
الأولى : لا بدّ فيها من الندم على فعل المعصية ، وتركها في الحال ، والعزم على عدم المعاودة في الاستقبال ، وهل العزم المذكور جزء منها أو خارج؟ وعلى الثاني هل هو شرط أو لازم؟
ذهب إلى كلّ واحد قوم بعد اتّفاقهم على أنّه لا بدّ من الكلّ ، وهي واجبة في الجملة ؛ لقوله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً) (١٠) وتقع مقبولة لقوله : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ
__________________
(١) أوردوا ـ خ : (آ).
(٢) التحريم ٦٦ : ٨.
(٣) الزلزلة ٩٩ : ٨ ، ٧.
(٤) النحل ١٦ : ٢٧.
(٥) سبأ ٣٤ : ١٧.
(٦) طه ٢٠ : ٤٨.
(٧) طه ٢٠ : ٧٥.
(٨) الفاجر المستفاد من قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ...) يعني العاصي الفاجر ، وهو الكامل في فجوره.
(٩) عبس ٨٠ : ٤٢.
(١٠) النور ٢٤ : ٣١.