والجواب : أنّه مخصوص للكفّار ؛ جمعا بين الأدلّة ، ويؤيّده قوله صلىاللهعليهوآله : «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي» هذا مع أنّ نفي المطاع في الآية لا يلزم منه نفي المجاب ؛ لجواز أن يكون مجابا ولا يكون مطاعا ، فإنّ المطاع فوق المطيع ، والله فوق كل موجود بالرتبة ، ونمنع أيضا كون الفاسق غير مرتضى ، بل هو مرتضى بإيمانه.
الثاني : العفو من الله والبحث إمّا في جوازه أو وقوعه.
الأوّل : فلوجهين : الأوّل : أنّه إحسان ، وكلّ إحسان حسن ، والمقدمتان ضروريتان. الثاني : أنّه حقّه تعالى وهو ظاهر ، فجاز منه إسقاطه ؛ لوجود الداعي وهو كونه إضرارا بالعبد وتركه إحسان إليه ، وانتفاء المانع إذ لا ضرار (١) عليه في تركه ولا لوم.
ومنع الوعيدية منه ؛ لأنّ العلم بذلك إغراء للمكلّف بالمعصية فيكون قبيحا.
وأجيب بأنّه معارض بالتوبة ، فإنّ العقاب يسقط معها اتفاقا ولا إغراء فيها وإلّا لقبحت (٢).
أمّا الثاني ؛ فلوجوه :
الأوّل : قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (٣) وليس للتعليل نحو : ضربته على عصيانه اتّفاقا (٤) فيكون للحال ؛ لجواز ضربه (٥) على شربه ، أي حال شربه ، فيكون المراد حال ظلمهم ، خرج الكفر اتّفاقا فيبقى الباقي على عمومه.
الثاني : قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)(٦)
__________________
(١) ضرر ـ خ : (آ).
(٢) لا يلزم الإغراء بالمعصية لا في العفو ولا في التوبة ، فإنّ عقاب المعصية محقّق قطعي ، أمّا العفو فمعلّق على المشيئة الإلهية قال تعالى : (لِمَنْ يَشاءُ) وأمّا التوبة فمعلقة على القبول فالعقاب قطعي ، وأما التوبة والعفو فمعلّقتان على المشيئة والقبول فلا إغراء فلا قبح في البين ، وقد بسطنا الكلام في هذا المطلب وحقّقناه بالتحقيق والتحليل الصحيح في إضافاتنا على كتابنا التحقيق في الأربعين ، انظر ص ٥٠٦ ـ ٥١٨.
(٣) الرعد ١٣ : ٦.
(٤) لأنّه لا تناسب بين العلّة والمعلول في الآية فلا تكون : (عَلى ظُلْمِهِمْ) تعليلا لغفران الله تعالى قطعا.
(٥) نحو رجمه ـ خ : (آ).
(٦) النساء ٤ : ٤٨ و ١١٦.