قال : والحركة إلى مكان تتبع إرادة بحسبها ، وجزئيات تلك الحركة تتبع تخيلات وإرادات جزئية فيكون السابق من هذه علة للسابق من تلك ، المعدة لحصول أخرى فتتصل الإرادات في النفس والحركات في المسافة إلى آخرهما.
أقول : الفاعل منا لحركة ما من الحركات إنما يفعلها بواسطة القصد والإرادة المتعلقة بتلك المسافة فتلك الحركة تتبع إرادة بحسبها يعني الحركة إلى مكان مفروض تتبع إرادة متعلقة بالحركة إلى ذلك المخصوص وكل حركة فعلى مسافة منقسمة تكون الحركة في كل مسافة من تلك المسافات جزءا من الحركة الأولى وكل جزء من تلك الأجزاء يتبع تخيلا خاصا وإرادة جزئية متعلقة به فإذا تعلقت الإرادة بإيجاد الجزء الأول من الحركة ثم وجد الجزء الأول كان وصول الجسم إلى ذلك الجزء مع الإرادة الكلية المتعلقة بكمال الحركة علة لتجدد إرادة أخرى تتعلق بجزء آخر فإذا وجدت تلك الإرادة تعلقت بذلك الجزء فيتحرك الجسم وعلى هذا تتصل التخيلات والإرادات في النفس والحركة في الخارج فتكون كل حركة جزئية علة لإرادة خاصة وكل إرادة خاصة علة لحركة جزئية من غير دور
المسألة الحادية عشرة
في أن القوى الجسمانية إنما تؤثر بمشاركة الوضع
قال : ويشترط في صدق التأثير على المقارن الوضع.
أقول : يشترط في صدق التأثير أعني صدق كون الشيء علة على المقارن أعني الصور والأعراض ، الوضع أعني الإشارة الحسية وهو كونه بحيث يشار إليه أنه هنا أو هناك وذلك لأن القوى الجسمانية أعني الصور والأعراض المؤثرة إنما تؤثر بواسطة الوضع على معنى أنها تؤثر في محلها أولا ثم فيما يجاور محلها بواسطة تأثيرها في محلها ثم فيما يجاور ذلك المجاور بواسطة المجاور وهكذا إنما تؤثر في البعيد بواسطة تأثيرها في القريب فإن النار لا تسخن كل شيء بل مادتها أولا ثم ما يجاورها وهذا الحكم بين لا يحتاج إلى برهان.