قال : أما القوة الحيوانية المحركة فغايتها الوصول إلى المنتهى وهو قد يكون غاية الشوقية وقد لا يكون فإن لم تحصل فالحركة باطلة وإلا فهو إما خير أو عادة أو قصد ضروري أو عبث وجزاف.
أقول : القوة الحيوانية لها مباد على ما تقدم : أحدها القوة المحركة المنبثة في العضلات ، وثانيها القوة الشوقية ، وثالثها التخيل أو الفكر. وغاية القوة المحركة إنما هي الوصول إلى المنتهى وقد تكون هي بعينها غاية القوة الشوقية كمن طلب مفارقة مكانه والحصول في آخر لإزالة ضجره ، وقد تكون غيرها كمن يطلب غريما في موضع معين ، وفي هذا القسم إن لم تحصل غاية القوة الشوقية سميت الحركة باطلة بالنسبة إليها ، وإن حصلت الغايتان وكان المبدأ التخيل لا غير فهو الجزاف والعبث. وإن كان مع طبيعة كالتنفس فهو القصد الضروري ، وإن كان مع خلق وملكة نفسانية فهو العادة ، وإن كان المبدأ الفكر فهو الخير المعلوم أو المظنون.
قال : وأثبتوا للطبيعيات غايات وكذا للاتفاقيات.
أقول : أما إثبات الغايات للحركات الطبيعية فقد تقدم البحث فيه وأما العلل الاتفاقية فقد نفاها قوم لأن السبب إن استجمع جهات المؤثرية لزم حصول مسببه قطعا وإلا كان منتفيا فلا مدخل للاتفاق.
والجواب أن المؤثر قد يتوقف تأثيره على أمور خارجة عن ذاته غير دائمة الحصول معه فيقال لمثل ذلك السبب من دون الشرائط إنه اتفاقي إذا كان انفكاكه مساويا أو راجحا ولو أخذناه مع تلك الشرائط كان سببا ذاتيا.
المسألة السادسة عشرة
في أقسام العلة
قال : والعلة مطلقا قد تكون بسيطة وقد تكون مركبة.
أقول : يعني بالإطلاق ما يشتمل العلل الأربع أعني المادية والصورية والفاعلية