قال : ولا بد للعدم من سبب وكذا في الحركة.
أقول : قد بينا أن نسبة طرفي الوجود والعدم إلى الممكن واحدة فلا يعقل اتصافه بأحدهما إلا بسبب فكما افتقر الممكن في وجوده إلى السبب افتقر في عدمه إليه وإلا لكان ممتنع الوجود لذاته.
لا يقال : الموجود منه ما هو باق ومنه ما هو غير باق كالحركات والأصوات والأول يفتقر عدمه إلى السبب أما النوع الثاني فإنه يعدم لذاته.
لأنا نقول : يستحيل أن يكون العدم ذاتيا لشيء وإلا لم يوجد والحركة لها علة في الوجود فإذا عدمت أو عدم أحد شروطها عدمت وكذا الأصوات فلا فرق بين الحركات وغيرها.
قال : ومن العلل المعدة ما يؤدي إلى مثل أو خلاف أو ضد.
أقول : العلل تنقسم إلى المعد وإلى المؤثر ، والمعد يعني به ما يقرب العلة إلى معلولها بعد بعدها عنه وهو قريب من الشرط.
والعلة المعدة إما أن تؤدي إلى ما يماثلها كالحركة إلى المنتصف فإنها معدة للحركة إلى المنتهى وليست فاعلة لها بل الفاعل للحركة إما الطبيعة أو النفس لكن فعل كل واحد منهما في الحركة إلى المنتهى بعيد وعند حصول الحركة إلى المنتصف يقرب تأثير أحدهما في المعلول الذي هو الحركة إلى المنتهى ، وإما أن تؤدي إلى خلافها كالحركة المعدة للسخونة ، وإما أن تؤدي إلى ضد كالحركة المعدة للسكون عند الوصول إلى المنتهى.
قال : والإعداد قريب وبعيد.
أقول : الإعداد منه ما هو قريب وذلك كالجنين المستعد لقبول الصورة الإنسانية ، ومنه ما هو بعيد كالنطفة لقبولها وكذلك العلة المعدة قد تكون قريبة وهي التي يحصل المعلول عقيبها وقد تكون بعيدة وهي التي لا تكون كذلك وتتفاوت العلل في القرب والبعد على حسب تفاوت الإعداد وهو قابل للشدة والضعف.