قال : وهو إما مفارق في ذاته وفعله وهو العقل ، أو في ذاته وهو النفس ، أو مقارن فإما أن يكون محلا وهو المادة ، أو حالا وهو الصورة ، أو ما يتركب منهما وهو الجسم.
أقول : هذه قسمة الجوهر إلى أنواعه فإن الجوهر إما أن يكون مفارقا في ذاته وفعله للمادة وهو المسمى بالعقل ، أو مفارقا في ذاته لا فعله وهو النفس الناطقة فإنها مفارقة للمادة في ذاتها ووجودها دون فعلها لاحتياجها إلى الآلة في التأثير ولا يمكن أن يكون مفارقا في فعله دون ذاته لأن الاستغناء في التأثير يستدعي الاستغناء في الذات ، وإما أن يكون مقارنا للمادة فإما يكون محلا وهو الهيولى ، أو حالا وهو الصورة ، أو ما يتركب منهما وهو الجسم فهذه أقسام الجواهر.
قال : والموضوع والمحل يتعاكسان وجودا وعدما في العموم والخصوص وكذا الحال والعرض.
أقول : قد بينا أن الموضوع أخص من المحل فعدمه يكون أعم من عدم المحل فقد تعاكس الموضوع والمحل في العموم والخصوص باعتبار الوجود والعدم ، وكذا الحال والعرض فإن العرض أخص من الحال فعدمه أعم.
قال : وبين الموضوع والعرض مباينة.
أقول : الموضوع هو المحل المتقوم بذاته المقوم لما يحل فيه والعرض لا يتقوم بذاته فبينهما مباينة.
قال : ويصدق العرض على المحل والحال جزئيا :
أقول : المحل قد يكون جوهرا وهو ظاهر وقد يكون عرضا على خلاف بين الناس فيه فيصدق بعض المحل عرض. والحال أيضا قد يكون جوهرا كالصورة الحالة في المادة ، وقد يكون عرضا وهو ظاهر فيصدق بعض الحال عرض فقد ظهر صدق العرض على المحل والحال جزئيا.