المسألة الرابعة
في أن وحدة المحل لا تستلزم وحدة الحال
قال : ووحدة المحل لا تستلزم وحدة الحال إلا مع التماثل بخلاف العكس.
أقول : المحل الواحد قد يحل فيه أكثر من حال واحد مع الاختلاف كالجسم الذي يحله السواد والحركة والحرارة ، وكالمادة التي تحل فيها الصور الجسمية والنوعية.
هذا مع الاختلاف أما مع التماثل فإنه لا يجوز أن يحل المثلان محلا واحدا لاستلزامه رفع الاثنينية لانتفاء الامتياز بالذاتيات واللوازم لاتفاقهما فيهما ، وبالعوارض لتساوي نسبتهما إليها.
فقد ظهر أن وحدة المحل لا تستلزم وحدة الحال إلا مع التماثل وأما العكس فإنه يستلزم فإن وحدة الحال تستلزم وحدة المحل لاستحالة حلول عرض واحد أو صورة واحدة في محلين وهو ضروري وكلام أبي هاشم في التأليف وبعض الأوائل في الإضافات خطأ.
قال : وأما الانقسام فغير مستلزم في الطرفين.
أقول : انقسام المحل لا يستلزم انقسام الحال فإن الوحدة والنقطة والإضافات كالأبوة والبنوة أعراض قائمة بمحال منقسمة وهي غير منقسمة أما الوحدة والنقطة فظاهر وكذا الإضافة فإنه لا يعقل حلول نصف الأبوة أو البنوة في نصف ذات الأب أو الابن.
وذهب قوم إلى أن انقسام المحل يقتضي انقسام الحال لاستحالة قيامه مع وحدته بكل واحد من الأجزاء وتوزيعه عليها وانتفاء حلوله فيها وأما الحال فإنه لا يقتضي انقسامه انقسام المحل فإن الحرارة والحركة إذا حلا محلا واحدا لم يقتض ذلك أن يكون بعض المحل حارا غير متحرك وبعضه متحركا غير حار.
واعلم أن الأعراض السارية إذا حلت محلا منقسما انقسمت بانقسامه والأعراض