المناهج.
إذا عرفت هذا فنقول الدليل على أن الأجسام حادثة أنها لا تخلو عن أمور متناهية حادثة وكل ما لم يخل عن أمور متناهية حادثة فهو حادث فالأجسام حادثة أما الصغرى فلأن الأجسام لا تخلو عن الحركة والسكون وهي أمور حادثة متناهية ، أما بيان عدم انفكاك الجسم عنهما فضروري لأن الجسم لا يعقل موجودا في الخارج منفكا عن المكان فإن كان لابثا فيه فهو الساكن ، وإن كان منتقلا عنه فهو المتحرك. وأما بيان حدوثهما فظاهر لأن الحركة هي حصول الجسم في الحيز بعد أن كان في حيز آخر ، والسكون هو الحصول في الحيز بعد أن كان في ذلك الحيز فماهية كل واحد منهما تستدعي المسبوقية بالغير والأزلي غير مسبوق بالغير فماهية كل واحد منهما ليست قديمة.
وأيضا فإن كل واحد منهما يجوز عليه العدم ، والقديم لا يجوز عليه العدم أما الصغرى فلأن كل متحرك على الإطلاق فإن كل جزء من حركته يعدم ويوجد عقيبه جزء آخر منها وكل ساكن فإنه إما بسيط أو مركب ، وكل بسيط ساكن يمكن عليه الحركة لتساوي الجانب الملاقي منه لغيره من الأجسام والجانب الذي لا يلاقيه في قبول الملاقاة فأمكن على غير الملاقي الملاقاة كما أمكنت على الملاقي لكن ذلك إنما يكون بواسطة الحركة فكانت الحركة جائزة عليه ، وأما المركب فإنه مركب من البسائط ونسوق الدليل الذي ذكرناه في البسيط إلى كل جزء من أجزاء المركب وأما الكبرى فلأن القديم إن كان واجب الوجود لذاته استحال عدمه ، وإن كان جائز الوجود استند إلى علة موجبة لاستحالة صدور القديم عن المختار لأن المختار إنما يفعل بواسطة القصد والداعي والقصد إنما يتوجه إلى إيجاد المعدوم فكل أثر لمختار حادث ، فلو كان القديم أثرا لمؤثر لكان ذلك المؤثر موجبا فإن كان واجبا لذاته استحال عدمه فاستحال عدم معلوله ، وإن كان ممكنا نقلنا الكلام إليه فإما أن يتسلسل وهو محال أو ينتهي إلى مؤثر موجب يستحيل عدمه فيستحيل عدم معلوله فقد ظهر أن القديم يستحيل عليه العدم وقد بينا جواز العدم على الحركة والسكون فيستحيل قدمهما.