قال : وللممانعة في الاقتضاء
أقول : هذا هو الوجه الثاني : وتقريره أن المزاج يمانع النفس في مقتضاها كما في الرعشة فإن مقتضي النفس الحركة إلى جانب ومقتضي المزاج الحركة إلى جانب آخر وتضاد الآثار يستدعي تضاد المؤثر فهاهنا الممانعة بين النفس والمزاج في جهة الحركة. وكذلك قد يقع بينهما الممانعة في نفس الحركة إما بأن تكون الحركة نفسانية لا يقتضيها المزاج كما في حال حركة الإنسان على وجه الأرض فإن مزاجه يقتضي السكون عليها ونفسه تقتضي الحركة ، أو بأن تكون طبيعية لا تقتضيها النفس كما في حال الهوى.
قال : ولبطلان أحدهما مع ثبوت الآخر.
أقول : هذا هو الوجه الثالث : الدال على أن النفس مغايرة للمزاج وتقريره أن الإدراك إنما يكون بواسطة الانفعال فإن اللامس إذا أدرك شيئا لا بد وأن ينفعل عن الملموس فلو كان اللامس هو المزاج لبطل عند انفعاله وحدثت كيفية مزاجية أخرى ، وليس المدرك هو الكيفية الأولى لبطلانها ووجوب بقاء المدرك عند الإدراك ، ولا الثانية لأن المدرك لا بد وأن ينفعل عن المدرك والشيء لا ينفعل عن نفسه.
المسألة الرابعة
في أن النفس ليست هي البدن
قال : ولما تقع الغفلة عنه.
أقول : ذهب من لا تحصيل له إلى أن النفس الناطقة هي البدن وقد أبطله المصنف بوجوه ثلاثة :
الأول : أن الإنسان قد يغفل عن بدنه وأعضائه وأجزائه الظاهرة والباطنة وهو متصور لذاته ونفسه فوجب أن يغايرها فقوله ولما تقع الغفلة عنه عطف على قوله لما هي شرط فيه أي والنفس مغايرة لما هي شرط فيه ولما تقع الغفلة عنه أعني البدن.