بالعارض هنا التعقل ، وقوله استغناء المعروض ، عنى به النفس التي يعرض لها التعقل
قال : ولانتفاء التبعية.
أقول : الذي فهمناه من هذا الكلام أن هذا وجه آخر دال على تجرد النفس وتقريره أن القوة المنطبعة في الجسم تضعف بضعف ذلك الجسم الذي هو شرط فيها والنفس بالضد من ذلك فإنها حال ضعف الجسم كما في وقت الشيخوخة تقوى وتكثر تعقلاتها فلو كانت جسمانية لضعفت بضعف محلها وليس كذلك فلما انتفت تبعية النفس للجسم في حال ضعفه دل ذلك على أنها ليست جسمانية.
قال : ولحصول الضد.
أقول : هذا وجه سابع يدل على تجرد النفس وتقريره أن القوة الجسمانية مع توارد الأفعال عليها وكثرتها تضعف وتكل لأنها تنفعل عنها ولهذا فإن من نظر طويلا إلى قرص الشمس لا يدرك في الحال غيرها إدراكا تاما والقوى النفسانية بالضد من ذلك فإن عند تكثر التعقلات تقوى وتزداد فالحاصل عند كثرة الأفعال هو ضد ما يحصل للقوة الجسمانية عند كثرة الأفعال فهذا ما خطر لنا في معنى قوله ـ رحمهالله ـ ولحصول الضد.
المسألة السادسة
في أن النفس البشرية متحدة بالنوع
قال : ودخولها تحت حد واحد يقتضي وحدتها.
أقول : اختلف الناس في ذلك فذهب الأكثر إلى أن النفوس البشرية متحدة بالنوع متكثرة بالشخص وهو مذهب أرسطاطاليس. وذهب جماعة من القدماء إلى أنها مختلفة بالنوع واحتج المصنف ـ رحمهالله ـ على وحدتها بأنها يشملها حد واحد والأمور المختلفة يستحيل اجتماعها تحت حد واحد.
وعندي في هذا نظر فإن التحديد ليس لجزئيات النفس حتى يلزم ما ذكره بل لمفهوم