قال : نعم لا بد من الجزء الصوري.
أقول : يشير بذلك إلى ترتيب المقدمات فإنه لا بد مع حصول المقدمتين في الذهن من ترتيب حاصل بينهما ليحصل العلم بالنتيجة وهو الجزء الصوري للنظر إذ لو لا الترتيب لحصلت العلوم الكسبية لجميع العقلاء ولم يقع خلل لأحد في اعتقاده وقيل لا حاجة إليه وإلا لزم التسلسل أو اشتراط الشيء بنفسه وهو سهو فإن التسلسل يلزم لو قلنا بافتقار كل زائد إلى ترتيب وليس كذلك بل المفتقر إلى الترتيب إنما هو الأجزاء المادية خاصة.
قال : وشرطه عدم الغاية وضدها وحضورها.
أقول : الذي فهمناه من هذا الكلام أن شرط النظر عدم العلم بالمطلوب الذي هو غاية النظر وإلا لزم تحصيل الحاصل ويشترط أيضا عدم ضدها أعني الجهل المركب لأنه باعتقاده حصول العلم له لا يطلبه فلا يتحقق النظر في طرفه ويشترط أيضا حضورها أعني حضور المطلوب الذي هو الغاية إذ الغافل عن الشيء لا يطلبه والنظر نوع من الطلب.
قال : ولوجوب ما يتوقف عليه العقليان وانتفاء ضد المطلوب على تقدير ثبوته كان التكليف به عقليا.
أقول : اختلف الناس في وجوب النظر هل هو عقلي أو سمعي فذهبت المعتزلة إلى الأول والأشاعرة إلى الثاني أما المعتزلة فاستدلوا على وجوب النظر عقلا بأن معرفة الله تعالى واجبة مطلقا ولا تتم إلا بالنظر وما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب فهاهنا ثلاث مقدمات : إحداها أن معرفة الله تعالى واجبة مطلقا واستدلوا على ذلك بوجهين : الأول أن معرفة الله تعالى دافعة للخوف الحاصل من الاختلاف وغيره ودفع الخوف واجب عقلا ، الثاني أن شكر الله تعالى واجب لأن نعمه على العبد كثيرة والمقدمتان ضروريتان والشكر لا يتم إلا بالمعرفة ضرورة ، الثانية أن معرفة الله تعالى لا تتم إلا بالنظر وذلك قريب من الضرورة إذ المعرفة ليست ضرورية قطعا فهي كسبية ولا كاسب سوى