والجواب عن الأول التخصيص وهو حمل نفي التعذيب المتوقف على الرسالة على ترك التكليف السمعي ، أو تأول الرسول بالعقل جمعا بين الأدلة.
وعن الثاني أن الفائدة عاجلة وهي زوال الخوف وآجلة وهي نيل الثواب بالمعرفة الذي لا يمكن الابتداء به في الحكمة.
وعن الثالث أن وجوب النظر وإن كان نظريا إلا أنه فطري القياس فكان الإلزام عائدا على الأشاعرة دون المعتزلة.
قال : وملزوم العلم دليل والظن أمارة.
أقول : لما كان النظر متعلقا بما يستلزم العلم من الاعتقادات أو الظن وجب البحث عن المتعلق فالمستلزم للعلم يسمى دليلا والمستلزم للظن يسمى أمارة وقد يقال الدليل على معنى أخص من المذكور وهو الاستدلال بالمعلول على العلة.
قال : وبسائطه عقلية ومركبة لاستحالة الدور.
أقول : بسائط الدليل يعني به مقدماته فإن الدليل لما كان مركبا من مقدمتين كانت كل واحدة من تينك المقدمتين جزءا بسيطا بالنسبة إلى الدليل وإن كانت مركبة في نفس الأمر إذا عرفت هذا فالمقدمات قد تكون عقلية محضة وقد تكون مركبة من عقلي وسمعي ولا يمكن تركبها من سمعيات محضة وإلا لزم الدور لأن السمعي المحض ليس بحجة إلا بعد معرفة صدق الرسول وهذه المقدمة لو استفيدت بالسمع دار بل هي عقلية محضة فإذن إحدى مقدمات النقليات كلها عقلية والضابط في ذلك أن كل ما يتوقف عليه صدق الرسول لا يجوز إثباته بالنقل وكل ما يتساوى طرفاه بالنسبة إلى العقل لا يجوز إثباته بالعقل وما عدا هذين يجوز إثباته بهما.
قال : وقد يفيد اللفظي القطع.
أقول : قيل إن الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين لتوقفه على أمور كلها ظنية وهي اللغة