حصل وقع دفعة وإلا فلا حصول له فلا تعقل فيه حركة.
قال : ولا تعقل حركة في مقولتي الفعل والانفعال.
أقول : هاتان المقولتان لا توجد الحركة فيهما لأن الانتقال من التبرد إلى التسخن إن كان بعد كمال التبرد وانتهائه لم يكن الانتقال من التبرد بل من البرودة إذ التبرد قد عدم وانقطع ، وإن كان قبل كماله كان الجسم في حال واحد أعني حال الحركة متوجها إلى كيفيتين متضادتين هذا خلف.
قال : ففي الكم باعتبارين لدخول الماء القارورة المكبوبة عليه ، وتصدع الآنية عند الغليان.
أقول : لما بين أن الحركة تقع في أربع مقولات وأبطل وقوعها في الزائد شرع في تفصيل وقوع الحركة في مقولة مقولة فابتدأ بالكم وذكر أن الحركة تقع فيه باعتبارين أحدهما التخلخل والتكاثف ، والثاني النمو والذبول.
أما الأول فالمراد به زيادة مقدار الجسم ونقصانه من غير ورود أجزاء جسمانية عليه ، أو انفصال أجزاء منه بناء على أن المقدار أمر زائد على الجسم وأن الجسم قابل للانتقال من نوع منه إلى نوع آخر على التدريج ، واستدل على وقوع الحركة بهذا الاعتبار بوجهين : الأول أن القارورة إذا كبت على الماء فإن كان بعد المص دخلها الماء وإلا فلا مع أن الخلاء أو الملاء في البابين واحد فليس ذلك إلا لأن الهواء المحتقن داخل القارورة له مقدار طبيعي وبسبب المص يخرج شيء من الهواء فيكتسب الباقي لضرورة الخلاء مقدارا أكثر غير طبيعي فإذا كبت القارورة على الماء داخلها الماء فعاد الهواء إلى مقداره الطبيعي لوجود المستخلف عن الهواء الخارج بالمص.
الثاني أن الآنية إذا ملئت ماء وسد رأسها سدا محكما وغليت بالنار فإنها تنشق وليس ذلك لمداخلة أجزاء النار لعدم الثقب في الآنية فبقي أن يكون ذلك لزيادة مقدار ما فيها. وعندي في هذين الوجهين نظر وإن أفادا الظن.