وأما الثاني فلأنا نشاهد جبلا من كبريت تقرب منه نار صغيرة فيحترق مع أنا نعلم أنه لم يكن في تلك النار الصغيرة من الأجزاء النارية ما يلاقي الجبل ويغلب عليه حسا.
قال : وفي الأين والوضع ظاهر.
أقول : وقوع الحركة في هاتين المقولتين أعني الأين والوضع ظاهر لكن الشيخ ادعى أنه الذي استخرج وقوع الحركة في الوضع وقد وجد في كلام أبي نصر الفارابي وقوعها فيه (واعلم) أن الحركة في الوضع وإن استلزمت حركة الأجزاء في الأين لكن ذلك باعتبار آخر مغاير لاعتبار حركة الجميع في الوضع.
قال : وتعرض لها وحدة باعتبار وحدة المقدار والمحل والقابل.
أقول : الحركة منها واحدة بالعدد ومنها كثيرة أما الواحدة فهي الحركة المتصلة من مبدإ المسافة إلى نهايتها وقد بينا تعلق الحركة بأمور ستة والمقتضي لوحدتها إنما هو ثلاثة منها لا غير : الأول وحدة الموضوع وهو أمر ضروري في وحدة كل عرض لاستحالة قيام العرض بمحلين وإليه أشار بقوله والمحل.
الثاني وحدة الزمان وهو كذلك أيضا لاستحالة إعادة المعدوم بعينه وإليه أشار بقوله المقدار
الثالث وحدة المقولة التي فيها الحركة فإن الجسم الواحد قد يتحرك في الزمان الواحد حركتي كيف وأين وإليه أشار بقوله والقابل.
ويحتمل أن يكون القابل هو الموضوع والمحل هو المقولة. ووحدة المحرك غير شرط فإن المتحرك بقوة ما مسافة إذا تحرك بأخرى قبل انقطاع فعل الأولى اتحدت الحركة. وإذا اتحدت الأشياء الثلاثة اتحد ما منه وما إليه لكن كل واحد منهما غير كاف فإن المتحرك من مبدإ واحد قد ينتهي إلى شيئين والمنتهي إلى شيء واحد قد يتحرك من مبدءين.
قال : واختلاف المتقابلين والمنسوب إليه يقتضي الاختلاف.
أقول : إذا اختلف أحد الأمور الثلاثة أعني ما منه وما إليه وما فيه ، اختلفت الحركة