المؤثرية أو لا فإن كان الأول كان وجود الأثر عنه واجبا وإلا لافتقر ترجيحه إلى مرجح زائد فلا تكون الجهات بأسرها موجودة هذا خلف ، أو لزم الترجيح من غير مرجح وهو باطل بالضرورة ، وإن لم يكن مستجمعا لجميع الجهات استحال صدور الأثر عنه وحينئذ لا يمكن تحقق القادر لأنه على تقدير حصول جميع الجهات يمتنع الترك ، وعلى تقدير انتفاء بعضها يمتنع الفعل فلا تتحقق المكنة من الطرفين.
وتقرير الجواب أن الأثر تعرض له نسبتا الوجوب والإمكان باعتبارين فلا يتحقق الموجب ولا يلزم الترجيح من غير مرجح وبيانه أن فرض استجماع المؤثر جميع ما لا بد منه في المؤثرية هو بأن يكون المؤثر المختار مأخوذا مع قدرته التي يستوي طرفا الوجود والعدم بالنسبة إليها ومع داعيه الذي يرجح أحد طرفيه وحينئذ يجب الفعل بعدهما نظرا إلى وجود الداعي والقدرة ولا تنافي بين هذا الوجوب وبين الإمكان نظرا إلى مجرد القدرة والاختيار وهذا كما إذا فرضنا وقوع الفعل من المختار فإنه يصير واجبا من جهة فرض الوقوع ولا ينافي الاختيار وبهذا التحقيق يندفع جميع المحاذير اللازمة لأكثر المتكلمين في قولهم القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر لا لمرجح.
قال : واجتماع القدرة على المستقبل مع العدم.
أقول : هذا جواب عن سؤال آخر وتقريره أن نقول الأثر إما حاصل في الحال فواجب فلا يكون مقدورا ، أو معدوم فممتنع فلا قدرة.
وتقرير الجواب أن الأثر معدوم حال حصول القدرة ولا نقول إن القدرة حال عدم الأثر تفعل الوجود في تلك الحال بل في المستقبل فيمكن اجتماع القدرة على الوجود في المستقبل مع العدم في الحال. لا يقال الوجود في الاستقبال غير ممكن في الحال لأنه مشروط بالاستقبال الممتنع في الحال وإذا كان كذلك فلا قدرة عليه في الحال وعند حصول الاستقبال يعود الكلام ، لأنا نقول القدرة لا تتعلق بالوجود في الاستقبال في الحال بل في الاستقبال.