عالم فيكون بالضرورة حيا لأن ثبوت الصفة فرع عدم استحالتها.
المسألة الرابعة
في أنه تعالى مريد
قال : وتخصيص بعض الممكنات بالإيجاد في وقت يدل على إرادته تعالى.
أقول : اتفق المسلمون على أنه تعالى مريد لكنهم اختلفوا في معناه فأبو الحسين جعله نفس الداعي على معنى أن علمه تعالى بما في الفعل من المصلحة الداعية إلى الإيجاد هو المخصص والإرادة وقال النجار إنه سلبي وهو كونه تعالى غير مغلوب ولا مستكره وعن الكعبي أنه راجع إلى أنه عالم بأفعال نفسه وآمر بأفعال غيره وذهبت الأشعرية والجبائيان إلى أنه صفة زائدة على العلم.
والدليل على ثبوت الصفة مطلقا أن الله تعالى أوجد بعض الممكنات دون بعض مع تساوي نسبتها إلى القدرة فلا بد من مخصص غير القدرة التي شأنها الإيجاد مع تساوي نسبتها إلى الجميع ، وغير العلم التابع للمعلوم وذلك المخصص هو الإرادة. وأيضا بعض الممكنات يخصص بالإيجاد في وقت دون ما قبله وبعده مع التساوي فلا بد من مرجح غير القدرة والعلم.
قال : وليست زائدة على الداعي وإلا لزم التسلسل أو تعدد القدماء.
أقول : اختلف الناس هنا فذهبت الأشعرية إلى إثبات أمر زائد على ذاته قديم هو الإرادة والمعتزلة اختلفوا فقال أبو الحسين إنها نفس الداعي وهو الذي اختاره المصنف وقال أبو علي وأبو هاشم إن إرادته حادثة لا في محل وقالت الكرامية إن إرادته حادثة في ذاته والدليل على ما اختاره المصنف أن إرادته لو كانت قديمة لزم تعدد القدماء والتالي باطل فالمقدم مثله ولو كانت حادثة إما في ذاته أو لا في محل لزم التسلسل لأن حدوث الإرادة في وقت دون آخر يستلزم ثبوت إرادة مخصصة والكلام فيها كالكلام هنا.