الفصل الثالث
في أفعاله وفيه مسائل
المسألة الأولى
في إثبات الحسن والقبح العقليين
قال : الثالث في أفعاله ـ الفعل المتصف بالزائد إما حسن أو قبيح والحسن أربعة.
أقول : لما فرغ من إثباته تعالى وبيان صفاته شرع في بيان عدله وأنه تعالى حكيم لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب وما يتعلق بذلك من المسائل وبدأ بقسمة الفعل إلى الحسن والقبيح وبين أن الحسن والقبح أمران عقليان وهذا حكم متفق عليه بين المعتزلة. وأما الأشاعرة فإنهم ذهبوا إلى أن الحسن والقبح إنما يستفادان من الشرع فكل ما أمر الشارع به فهو حسن وكل ما نهى عنه فهو قبيح ولو لا الشرع لم يكن حسن ولا قبح ولو أمر الله تعالى بما نهى عنه لانقلب القبيح إلى الحسن والأوائل ذهبوا إلى أن من الأشياء ما هو حسن ومنها ما هو قبيح بالنظر إلى العقل العملي وقد شنع أبو الحسين على الأشاعرة بأشياء ردية وما شنع به فهو حق إذ لا تتمشى قواعد الإسلام بارتكاب ما ذهب إليه الأشعرية من تجويز القبائح عليه تعالى وتجويز إخلاله بالواجب وما أدري كيف يمكنهم الجمع بين المذهبين.
واعلم : أن الفعل من التصورات الضرورية وقد حده أبو الحسين بأنه ما حدث عن قادر مع أنه حد القادر بأنه الذي يصح أن يفعل وأن لا يفعل فلزمه الدور ، على أن الفعل أعم من الصادر عن قادر وغيره إذا عرفت هذا فالفعل الحادث إما أن لا يوصف بأمر زائد على حدوثه وهو مثل حركة الساهي والنائم وإما أن يوصف وهو قسمان حسن وقبيح فالحسن ما لا يتعلق بفعله ذم والقبيح بخلافه ، والحسن إما أن لا يكون له وصف زائد على حسنه وهو المباح ويرسم بأنه ما لا مدح فيه على الفعل والترك وإما أن يكون له وصف