عنه فما هو حسن لم ينقلب قبيحا وكذا ما هو قبيح لم ينقلب حسنا.
قال : والجبر باطل.
أقول : هذا جواب عن شبهة أخرى لهم وهي أنهم قالوا الجبر حق فينتفي الحسن والقبح العقليان والملازمة ظاهرة وبيان صدق المقدم ما يأتي والجواب الطعن في الصغرى وسيأتي البحث فيها.
المسألة الثانية
في أنه تعالى لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب
قال : واستغناؤه وعلمه يدلان على انتفاء القبح عن أفعاله تعالى.
أقول : اختلف الناس هنا فقالت المعتزلة إنه تعالى لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب ونازع الأشعرية في ذلك وأسندوا القبائح إليه تعالى الله عن ذلك والدليل على ما اختاره المعتزلة أن له داعيا إلى فعل الحسن وليس له صارف عنه ، وله صارفا عن فعل القبيح وليس له داع إليه وهو قادر على كل مقدور ومع وجود القدرة والداعي يجب الفعل وإنما قلنا ذلك لأنه تعالى غني يستحيل عليه الحاجة وهو عالم بحسن الحسن وقبح القبيح ومن المعلوم بالضرورة أن العالم بالقبيح الغني عنه لا يصدر عنه وأن العالم بالحسن القادر عليه إذا خلا من جهات المفسدة فإنه يوجده وتحريره أن الفعل بالنظر إلى ذاته ممكن وواجب بالنظر إلى علته وكل ممكن مفتقر إلى قادر فإن علته إنما تتم بواسطة القدرة والداعي فإذا وجدا فقد تم السبب وعند تمام السبب يجب وجود الفعل. وأيضا لو جاز منه فعل القبيح أو الإخلال بالواجب لارتفع الوثوق بوعده ووعيده لإمكان تطرق الكذب عليه ولجاز منه إظهار المعجزة على يد الكاذب وذلك يفضي إلى الشك في صدق الأنبياء ويمتنع الاستدلال بالمعجزة عليه.