فيصدق عليه مطلق الثابت ومنافاته للوجود المطلق لا باعتبار صدق مطلق الثبوت عليه بل من حيث أخذ مقابلا له ولا امتناع في عروض أحد المتقابلين للآخر إذا أخذا لا باعتبار التقابل كالكلية والجزئية فإنهما قد يصدق أحدهما على الآخر باعتبار مغاير لا باعتبار تقابلهما وهذا فيه دقة.
المسألة الحادية عشرة
في تلازم الشيئية والوجود
قال : ويساوق الشيئية فلا تتحقق بدونه والمنازع مكابر مقتضى عقله.
أقول : اختلف الناس في هذا المقام فالمحققون كافة من الحكماء والمتكلمين اتفقوا على مساوقة الوجود الشيئية وتلازمهما حتى أن كل شيء على الإطلاق فهو موجود على الإطلاق وكل ما ليس بموجود فهو منتف وليس بشيء وبالجملة لم يثبتوا للمعدوم ذاتا متحققة فالمعدوم الخارجي لا ذات له في الخارج والذهني لا ذات له ذهنا.
وقال جماعة من المتكلمين أن للمعدوم الخارجي ذاتا ثابتة في الأعيان متحققة في نفسها ليست ذهنية لا غير ، وهؤلاء يكابرون في الضرورة فإن العقل قاض بأنه لا واسطة بين الموجود والمعدوم فإن الثبوت هو الوجود.
قال : وكيف تتحقق بدونه مع إثبات القدرة وانتفاء الاتصاف.
أقول : لما استبعد مقالة هؤلاء القوم ونسبهم إلى الجهل شرع في الاستدلال على بطلان قولهم واعلم أن هؤلاء يذهبون إلى أن القدرة لا تأثير لها في الذوات أنفسها لأنها ثابتة في العدم مستغنية عن المؤثر في جعلها ذواتا ، ولا في الوجود لأنه عندهم حال والحال غير مقدورة وقد ثبت في نفس الأمر أن اتصاف الماهية بالصفة غير ثابت في الأعيان بل هو أمر اعتباري وإلا لزم التسلسل لأن ذلك الاتصاف لو كان ثابتا لكان مشاركا لغيره من الموجودات في الثبوت وممتازا عنها بخصوصية وما به الاشتراك مغاير لما به الامتياز فيكون اتصاف ذلك الاتصاف بالثبوت أمرا زائدا عليه ويلزم التسلسل.