والحق أنه لا افتقار في هذه المسألة إلى الوحدانية لأن هذا المركب يستحيل أن يكون واجبا لذاته لافتقاره إلى أجزائه الواجبة وكل مفتقر ممكن فيكون المركب ممكنا فلا يكون واجبا وهذا لا يتوقف على الوحدانية.
قال : ولا يكون الذاتي جزءا من غيره.
أقول : هذه خاصية ثالثة للواجب ظاهرة وهي أن الواجب لذاته لا يتركب عنه غيره وهو ظاهر لأن التركب إما حسي وهو إنما يكون بانفعال كالمزاج أو عقلي كتركب الماهية من الأجناس والفصول والكل ظاهر الاستحالة.
المسألة السادسة والثلاثون
في أن وجود واجب الوجود ووجوبه نفس حقيقته
قال : ولا يزيد وجوده ونسبته عليه وإلا لكان ممكنا.
أقول : هذه المسألة تشتمل على بحثين (البحث الأول) في أن وجود واجب الوجود لذاته نفس حقيقته وتقريره أن نقول لو كان وجود واجب الوجود لذاته زائدا على حقيقته لكان صفة لها فيكون ممكنا فيفتقر إلى علة فتلك العلة إما أن تكون نفس حقيقته أو شيئا خارجا عن حقيقته والقسمان باطلان أما الأول : فلأن تلك الحقيقة إما أن تؤثر فيه وهي موجودة أو تؤثر فيه وهي معدومة فإن أثرت فيه وهي موجودة فإن كانت موجودة بهذا الوجود لزم تقدم الشيء على نفسه وهو محال وإن كان بغير هذا الوجود عاد البحث إليه ويلزم وجود الماهية مرتين والجميع باطل ، وإن أثرت فيه وهي معدومة كان المعدوم مؤثرا في الموجود وهو باطل بالضرورة.
وأما الثاني فلأنه يلزم منه افتقار واجب الوجود في وجوده إلى غيره فيكون ممكنا وهو محال وهذا دليل قاطع على هذا المطلوب.
البحث الثاني في أن الوجوب نفس حقيقته وقد تقدم بيان ذلك فيما سلف.