حقيقته. وتقرير الدليل أن الوجود طبيعة واحدة نوعية لما بيناه من اشتراكه والطبائع النوعية تتفق في لوازمها وقد بنى الحكماء على هذه القاعدة مطالب كثيرة كامتناع الخلاء ووجود الهيولى للأفلاك وغير ذلك من مباحثهم فنقول طبيعة الوجود إن اقتضت العروض وجب أن يكون وجود واجب الوجود عارضا لماهية مغايرة له ، وإن اقتضت اللاعروض كانت وجودات الممكنات غير عارضة لماهياتها فإما أن لا تكون موجودة أو يكون وجودها نفس حقائقها والقسمان باطلان ، وإن لم تقتض واحدا منهما لم تتصف بأحدهما إلا بأمر خارج عن طبيعة الوجود فيكون تجرد واجب الوجود محتاجا إلى المؤثر هذا خلف.
وتقرير الجواب أن الوجود ليس طبيعة نوعية على ما حققناه بل هو مقول بالتشكيك على ما تقدم والمقول على أشياء بالتشكيك لا يتساوى اقتضاؤه فإن النور يقتضي بعض جزئياته إبصار الأعشى بخلاف سائر الأنوار والحرارة كذلك فإن الحرارة الغريزية تقتضي استعداد الحياة بخلاف سائر الحرارات فكذلك الوجود.
قال : وتأثير الماهية من حيث هي في الوجود غير معقول.
أقول : لما أبطل استدلالاتهم شرع في إبطال الاعتراض الوارد على دليله وقد ذكر هاهنا أمرين أحدهما أنهم قالوا لا نسلم انحصار أحوال الماهية حالة التأثير في الوجود والعدم بل جاز أن تكون الماهية من حيث هي هي مؤثرة في الوجود فلا يلزم التسلسل ولا تأثير المعدوم في الموجود.
والجواب أن الماهية من حيث هي هي يجوز أن تقتضي صفات لها على سبيل العلية والمعلولية إلا الوجود فإنه يمتنع أن تؤثر فيه من حيث هي هي لأن الوجود لا يكون معلولا لغير الموجود بالضرورة فيلزم المحاذير المذكورة والضرورة فرقت بين الوجود وسائر الصفات.
قال : والنقض بالقابل ظاهر البطلان.
أقول : هذا جواب عن السؤال الثاني وتقريره أنهم قالوا إن العلة القابلية للوجود لا يجوز أن يكون باعتبار الوجود فإن الممكن المعدوم لو لم يقبل الوجود إلا بشرط الوجود لزم