تقدم الشيء على نفسه أو تعددت الوجودات للماهية الواحدة والكل محال وإذا كان كذلك فلم لا يعقل مثله في العلة الفاعلية.
والجواب أن هذا إنما يتم لو قلنا إن الوجود عارض للماهية عروض السواد للجسم وإن للماهية ثبوتا في الخارج دون وجودها ثم إن الوجود يحل فيها ونحن لا نقول كذلك بل كون الماهية هو وجودها وإنما تتجرد عن الوجود في العقل لا بمعنى أنها تكون في العقل منفكة عن الوجود لأن الحصول في العقل نوع من الوجود بل بمعنى أن العقل يلاحظها منفردة فاتصاف الماهية بالوجود أمر عقلي إذ ليس للماهية وجود منفرد ولعارضها المسمى بالوجود وجود آخر ويجتمعان اجتماع المقبول والقابل بل الماهية إذا كانت فكونها وجودها والحاصل من هذا أن الماهية إنما تكون قابلة للوجود عند وجودها في العقل فقط ولا يمكن أن تكون فاعلة لصفة خارجية عند وجودها في العقل فقط.
قال : والوجود من المحمولات العقلية لامتناع استغنائه عن المحل وحصوله فيه.
أقول : الوجود ليس من الأمور العينية بل هو من المحمولات العقلية الصرفة. وتقريره أنه لو كان ثابتا في الأعيان لم يخل إما أن يكون نفس الماهيات الصادق عليها أو مغايرا لها والقسمان باطلان أما الأول فلما تقدم من أنه زائد على الماهية ومشترك بين المختلفات فلا يكون نفسها.
وأما الثاني فإما أن يكون جوهرا أو عرضا والأول باطل وإلا لم يكن صفة لغيره ، والثاني باطل لأن كل عرض فهو حاصل في المحل وحصوله في المحل نوع من الوجود فيكون للوجود وجود هذا خلف ويلزم تأخره عن محله وتقدمه عليه هذا خلف.
قال : وهو من المعقولات الثانية.
أقول : الوجود كالشيئية في أنها من المعقولات الثانية إذ ليس الوجود ماهية خارجية على ما بيناه بل هو أمر عقلي يعرض للماهيات وهو من المعقولات الثانية المستندة إلى المعقولات الأولى وليس في الموجودات شيء هو وجود أو شيء بل الموجود إما الإنسان أو