ويتصور سلبها لأنه مميز على ما تقدم ويحكم على الصورتين بالتناقض لا باعتبار حضورهما في الذهن بل بالاعتبار الذي ذكرناه.
قال : وأن يتصور عدم جميع الأشياء حتى عدم نفسه وعدم العدم بأن يتمثل في الذهن ويرفعه وهو ثابت باعتبار ، قسيم باعتبار ولا يصح الحكم عليه من حيث هو ليس بثابت ولا تناقض.
أقول : الذهن يمكنه أن يتصور جميع المعقولات وجودية كانت أو عدمية. ويمكنه أن يلحظ عدم جميع الأشياء لأنه يتصور العدم المطلق. ويمكنه أن ينسبه إلى جميع الماهيات فيمكنه أن يلحظه باعتبار نفسه فيتصور عدم الذهن نفسه ، وكذلك يمكنه أن يلحقه نفس العدم بمعنى أن الذهن يتخيل للعدم صورة ما معقولة متميزة عن صورة الوجود ويتصور رفعها ويكون ثابتا باعتبار تصوره لأن رفع الثبوت الشامل للثبوت الخارجي والذهني تصور ما ليس بثابت ولا متصور أصلا وهو ثابت باعتبار تصوره وقسيم لمطلق الثابت باعتبار أنه سلبه ولا استبعاد في ذلك فإنا نقول الموجود إما ثابت في الذهن أو غير ثابت في الذهن فاللاوجود قسيم للوجود ومن حيث له مفهوم قسم من الثابت ، والحكم على رفع الثبوت المطلق من حيث إنه متصور لا من حيث إنه ليس بثابت ولا يكون تناقضا لاختلاف الموضوعين.
قال : ولهذا نقسم الموجود إلى ثابت في الذهن وغير ثابت فيه ونحكم بينهما بالتمايز وهو لا يستدعي الهوية لكل من المتمايزين ولو فرض له هوية لكان حكمها حكم الثابت.
أقول : هذا استدلال على أن الذهن له أن يتصور عدم جميع الأشياء وبيانه أنا نقسم الموجود إلى ثابت في الذهن وغير ثابت فيه ونحكم بامتياز أحدهما عن الآخر ومقابلته له والحكم على شيء يستدعي تصوره وثبوته في الذهن فيجب أن يكون ما ليس بثابت في الذهن ثابتا فيه فقد تصور الذهن سلب ما وجد فيه باعتبارين على ما حققناه فإن ما ليس بثابت في الذهن ثابت فيه من حيث إنه متصور وغير ثابت فيه من حيث إنه سلب لما في الذهن