شرّد برجلك عنّا حيث شئت |
|
ولا تكثر عليّ ودع عنك الأقاويلا |
فقد رميت بداء لست غاسله |
|
ما جاوز النّيل يوما شطّ ابلبلا |
قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا |
|
فما اعتذارك عن قول إذا قيلا؟ |
وأمّا عديّ بن زيد فقد سعوا به حتى أبعده النعمان ، وكان ابنه زيد بن عديّ كاتبا لكسرى في المكاتبات العربيّة ، فذكر لكسرى حبس أبيه ، فبعث كسرى إلى النعمان يأمره بالإفراج ، فلمّا وصل الرسول بعث عديّ إلى الرسول يقول :أبصرني قبل أن تمشي إلى النعمان حتى لا يقول النعمان انّه مات! فقال الرسول :أخاف من مؤاخذة كسرى ، فإنّه ما بعثني إلّا إلى النعمان. فلمّا أدّى الرسول الرسالة قال النعمان : عدي من زمان مات! وأمر بقتله.
وعرف الحال زيد بن عدي فطلب فرصة لينتقم من النعمان ، وكان كسرى مشغوفا بالنساء ، أيّ امرأة حسناء ذكرت عنده يرسل إلى تحصيلها ، فكان يجري في مجلسه ذكر النساء. قال زيد بن عدي : ان لعبدك النعمان بنات في غاية الحسن والجمال ، إن اقتضى رأي الملك يبعثني إليه أخطب بناته للملك! فبعثه كسرى مع بعض خواصّه من العجم ، فقال النعمان : إن للملك في مها العجم لمندوحة عن سودان العرب! فقال زيد للعجمي : احفظ ما يقوله حتى تقول لكسرى! فلمّا عاد إلى كسرى قال : ما معنى هذا الكلام؟ قال زيد : يقول الملك له بقر العجم ، ما له ولكحلاوات العرب؟ فتأذى كسرى من هذا وبعث إليه يطلبه ، فهرب النعمان في البرية ، فما كان حيّ من الأحياء يحويه خوفا من كسرى.
وكلّما أتى عليه الوقت ذهب ماله وقلّ عدده ، فرأى أن يأتي كسرى تائبا.
فلمّا وصل أمر كسرى بنصب القباب وإخراج جميع جواريه يرقصن في غناء عجمّي معناه : من له كلّنا أيّ حاجة له إلى البقر؟ فلمّا دخل دهليز كسرى قبض عليه وأمر بإلقائه تحت أرجل الفيل ؛ قال الشاعر :
فأدخل بيتا سقفه صدر فيلة |
|
بساباط والحيطان منه قوائمه |