أن الزمان ما فسد لكن القياس قد اطرد. وقال البديع :
همذان لي بلد أقول بفضله |
|
لكنّه من أقبح البلدان! |
صبيانه في القبح مثل شيوخه |
|
وشيوخه في العقل كالصّبيان! |
توفي البديع سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.
وأنشد عبد الله بن محمّد بن زنجويه لنفسه في بعض الصور المطلسمة ، وقد ذكرنا كلّ واحدة منها في موضعها بشرحها :
أأرقت للبرق اللّموع اللّائح |
|
وحمائم فوق الغصون صوادح؟ |
بل قد ذهلت بليث غاب دائبا |
|
مذ كان عن همذان ليس بنازح |
موف على صمّ الصّخور كأنّه |
|
يبغي الوثوب على الغزال السّانح |
تمضي الدّهور وما تروم فريسة |
|
نعل الطّمرّ الكسرويّ القارح |
شبديز إذ هو واقف في طاقه |
|
يعلوه برويز بحسن واضح |
برويز عن شبديز ليس برائح |
|
واللّيث عن همذان ليس بنازح |
وكذا بتدمر صورتان تناهتا |
|
في الحسن شبّهتا ببدر لائح |
لا يسأمان عن القيام ، وطالما |
|
صبرا على صرف الزّمان الكالح |
وبأرض عاد فارس يسقيهم |
|
بالعين عذبا كالفرات السّائح |
في الأشهر الحرم العظيمة حقّها |
|
يغنون عن شرب الزّعاق المالح |
فإذا انقضى الشّهر الحرام تطفّحت |
|
تلك الحياض بماء عين الدّافح |
وبأرض وادي الرّمل بين مهامه |
|
يلقاك قبل الحتف نصح النّاصح |
طرف هنالك باسط بيمينه |
|
أن ليس بعدي مسلك للسّائح |
خذها إليك مقالة من صادق |
|
فيها عجائب من صحيح قرائح |