كيف بناؤه ، ولا يصدق السامع وصفها حتى يراها. وهي باقية في زماننا ، وصفتها أن من دخل مسلخها رأى بيتا مربعا منقّشا بصور حيوانات لا يرى باب الحمام ، لكن يرى على حيطانها أربعا وعشرين حلقة مغلقة ، فيسأل الحمامي عن باب الحمام فيقول : أي حلقة جذبتها ينفتح لك باب الحمام. فيجذب إحداها فينفتح باب وتنكسر صورة الحيوان التي على الباب لأن بعضها على الباب وبعضها على الجدار ؛ فلهذا لا يعرف الغريب باب الحمام ، فإذا دخل من باب من تلك الأبواب أيّها كان ، ينتهي إلى قبّة على مثال المسلخ إلّا أن حلقها سبع عشرة ، فأيّ حلقة يجذب يفتح له باب ، فإذا دخله يفضي به إلى قبّة أخرى على مثال ما قبلها ، إلّا أن حلقها اثنتا عشرة ، فأيّ حلقة منها يجذب يفضي إلى قبّة على مثال ما تقدّم ، إلا أن فيها تسع حلق ، فأي حلقة منها يجذب يفضي إلى قبّة إلى مثال ما قبلها ، إلّا أن حلقها سبع حلق ، وهي القبّة الأخيرة ، أحد أبوابها يفضي إلى الحمام وذلك يعرفه الحمامي : فإن فتح غيره يرى نفسه في المسلخ وهو البيت الأوّل المربّع.
وذكر الأمير أبو المؤيد أنّه شاهد هذا الحمام مرارا على هذه الهيئة ، وأنّه أشهر شيء بخراسان وهو باق إلى زماننا. وإنّما صار أمر هذا الحمام مشهورا بخراسان لأنّه عامّ لا يمنع أن يدخله أحد ويستحمّ به ، فيدخله كلّ أحد للاستحمام ومشاهدة العجب ولا يؤخذ ممّن دخله أجرة الحمام. وله آلات من السطول والطاسات والمآزر والطين والأمشاط والمناشف ، وجميع ما يحتاج إليه المستحمّ.
فإذا استحمّ وخرج يؤتى له بجلاب ومأكول على قدره ، ولا يقبلون من المستحمّ شيئا وإن أصرّ على ذلك ، بل له أوقاف كثيرة وانّها بيد أحفاد الناصر خسرو.
ومن عجائبها أمر آخر وهو أن ثلاثين بيتا منها يضيء بجام واحد ، ولا يمكنون أحدا أن يرى سطحها البتّة ، ولا يهتدي أحد إلى كيفيّة بنائها إلّا من عرف ذلك بحقيقة.
والله المستعان وعليه التكلان.