في زمانه بالأصول والفقه والحكمة والأدب ، ذا عبارة فصيحة وتقرير حسن وطبع لطيف وكلام ظريف. كان الاجتماع به سببا للذّات النفس من كثرة حكاياته الطيّبة والأمثال اللطيفة ، والتشبيهات الغريبة والمبالغات العجيبة. وكثيرا ما كان يقول : ان دفع التتر عن هذه البلاد لكثرة صدقات الخليفة المستنصر بالله فإن الصدقة تدفع البلاء ، ولولا ذلك لكان من دفع العساكر الخوارزمشاهية كيف يقف له عسكر العراق؟ وكان الأمر كما قال. فلمّا مضى المستنصر وقلّت الصدقة جاؤوا وظفروا.
وحكي أن الشيخ دخل يوما على ابن الوزير القمّي ، وكان ابن الوزير دقيق النظر كثير المآخذ ، قال للشيخ : أراك تقتني المماليك المرد وليس هذا طريقة المشايخ! قال الشيخ : لا. قعودي بين يديك من طريقة
المشايخ ، وإنّما هذا لذلك لولا ميلي إلى شيء من زينة الدنيا ما قعدت بين يديك.
أرمينية
ناحية بين آذربيجان والروم ، ذات مدن وقلاع وقرى كثيرة. أكثر أهلها نصارى. بها عجائب كثيرة ذكر أكثرها عند مدنها وقراها. والذي نزيده ههنا : بها جبل الحارث والحويرث ، لا يقدر أحد على ارتقائهما ؛ قالوا : إنّهما مقبرة ملوك أرمينية ومعهم أموالهم وذخائرهم. بليناس الحكيم طلسمها لئلّا يظفر بها أحد.
وحكى ابن الفقيه انّه كان على نهر الرسّ بأرمينية ألف مدينة ، فبعث الله تعالى إليهم نبيّا اسمه موسى ، وليس بموسى بن عمران ، فدعاهم إلى الله تعالى فكذّبوه وعصوا أمره ، فدعا عليهم فحوّل الله تعالى الحارث والحويرث من الطائف وأرسلهما عليهم ، فيقال إن أهل الرسّ تحت هذين الجبلين.
وبها البحيرة ؛ قال مسعر بن مهلهل : هذه البحيرة منتنة قليلة المنافع ، عليها قلاع حصينة وجانب من هذه البحيرة يأخذ إلى موضع يقال له وادي الكرد. فيه