الله تعالى من كثرة الموت وسألوا نبيّهم ، وكان من أنبياء بني إسرائيل ، عن سبب ذلك ، فأوحى الله تعالى إليه أنّهم متى ضعّفوا مذبحا لهم على شكل المكعب ارتفع عنهم الوباء ، فأظهروا مذبحا آخر بجنبه وأضافوه إلى المذبح الأوّل فزاد الوباء.
فعادوا إلى النبيّ ، عليه السلام ، فأوحى الله تعالى إليه أنّهم ما ضعّفوا بل قرنوا به مثله ، وليس هذا تضعيف المكعب. فاستعانوا بأفلاطون فقال : إنّكم كنتم تردّون الحكمة وتمتنعون عن الحكمة والهندسة فأبلاكم الله تعالى بالوباء عقوبة ، لتعلموا أن العلوم الحكمية والهندسيّة عند الله بمكانة. ثمّ لقن أصحابه انّكم متى أمكنكم استخراج خطّين من خطّين على نسبة متوالية توصّلتم إلى تضعيف المذبح ، فإنّه لا حيلة فيه دون استخراج ذلك ، فتعلّموا استخراج ذلك فارتفع الوباء عنهم.
فلمّا تبيّن للناس من أمر الحكمة هذه الأعجوبة تلمذ لأفلاطون خلق كثير ، منهم أرسطاطاليس ، واستخلفه على كرسي الحكمة بعده ، وكان أفلاطون تاركا للدنيا لا يحتمل منه أحد ولا يعلم الحكمة إلّا من كان ذا فطانة ونفس خيّرة ، والتلميذ يأخذ منه الحكمة قائما لاحترام الحكمة.
وحكي أن الإسكندر ذهب إليه وكان أفلاطون أستاذ أستاذه ، فوقف إليه وهو في مشرقة قد أسند ظهره إلى جدار يأوي إليه ، فقال له الإسكندر : هل من حاجة؟ فقال : حاجتي أن تزيل عني ظلّك فقد منعتني الوقوف في الشمس! فدعا له بذهب وكسوة فاخرة من الديباج والقصب ، فقال : ليس بأفلاطون حاجة إلى حجارة الأرض وهشيم النبات ولعاب الدود ، وإنّما حاجته إلى شيء يكون معه أينما توجّه.
وينسب إليها أرسطاطاليس ، ويقال له المعلّم الأوّل ، لأنّه نقّح علم الحكمة وأسقط سخيفها وقرّر إثبات المدّعى وطريق التوجيه ، وكانوا قبله يأخذون الحكمة تقليدا. ووضع علم المنطق وخالف أستاذه أفلاطون وأبطل التناسخ ، قيل له : كيف خالفت الأستاذ؟ فقال : الأستاذ صديقي والحقّ أيضا صديقي ،