وسير الكواكب بالبراهين الهندسيّة ، فذكر أن بعض الأفلاك يتحرّك من المغرب إلى المشرق ، وبعضها من المشرق إلى المغرب ، وبعضها سريع الحركة ، وبعضها بطيء الحركة ، وبعضها يدور رحوية ، وبعضها يدور دولابية ، وبعضها يدور حمائلية. وان حركات الكواكب تابعة لحركات أفلاكها ، ومن الأفلاك بعضها محيطة بكرة الأرض وبعضها غير محيطة ، وبعضها مركزها مركز الأرض وبعضها مركز خارج من مركز الأرض. وأقام على ذلك كلّه البراهين الهندسيّة ومسح الأفلاك برجا برجا ، ودرجة درجة ، وثانية ثانية حتى يقول : في يوم كذا وفي ساعة كذا يكون الكسوف أو الخسوف ، ويقع كما قال. وأعجب من هذا أنّه يبيّن بالبراهين الهندسيّة أن ما بين السماء والأرض من المسافة كم يكون ميلا ، وأن كلّ فلك من الأفلاك تحتها كم يكون ميلا ، ودورتها كم تكون ميلا ، وقطرها كم يكون ميلا. ومن أعجب الأشياء وضع الاصطرلاب والتقويم.
فسبحان من علّم الإنسان ما لم يعلم!
وينسب إليها بطلميوس صاحب الأحكام النجوميّة. يزعم أنّه حصل له بالتجربة مرّة بعد أخرى وقوع الحوادث بحركات الأفلاك وسير الكواكب ، وليس على ذلك برهان كما في المجسطي ، لكن هو يزعم غلبة الظن ، وأنّه موقوف على مقدمات وشرائط كثيرة قلّما تحصل لأحد في زماننا. ومن أراد شيئا من ذلك فلينظر في أحكام جاماسب وزير كشتاسف ، ملك الفرس ، فإنّه كان قبل مبعث موسى ، عليه السلام ، وحكم بمبعث موسى وعيسى ونبيّنا ، عليه السلام ، وبإزالة الملّة المجوسيّة وخروج الترك ، وأمثال ذلك من الحوادث الكثيرة.
وينسب إليها بليناس صاحب الطلسمات. وإنّها مأخوذة من أجرام سماوية وأجرام أرضيّة في أوقات مخصوصة ، وكتابنا هذا كثير فيه من ذكر الطلسمات.
وينسب إليها فيثاغورس صاحب علم الموسيقى. زعموا أنّه وضع الألحان على أصوات حركات الفلك بذكائه وصفاء جوهر نفسه. استخرج أصول النغمات وهو أوّل من تكلّم في هذا العلم ، وفائدته أن المريض الذي عدم نومه أو قراره