يلهى بهذه الأصوات ، فربّما يأتيه النوم أو يخفّ عنه بعض ما به بسبب اشتغاله بسماع تلك الأصوات ، وكذلك الحزين الذي يغلب عليه الحزن يشغل بشيء من هذه الألحان ، فيخفّ عليه بعض ما به.
وينسب إليها اقليمون ، وهو صاحب الفراسة ، والفراسة هي الاستدلال بالأمور الظاهرة على الأمور الخفيّة ، وإنّها كثيرة تظهر للإنسان على قدر ذكائه كما قال تعالى : إن في ذلك لآيات للمتوسّمين. فإنّك إذا رأيت إنسانا مصفرّ اللون ترى أنّه مريض ، فإن لم تجد آثار المرض تعلم انّه خائف. وإذا رأيت رجلا كبير الرأس تعلم انّه بليد تشبيها بالحمار ، وإذا رأيت رجلا عريض الصدر دقيق الخصر تعلم أنّه شجاع لأنّه شبيه بالأسد. ومن هذا الطريق وهذا علم منسوب إلى الحكيم اقليمون.
وينسب إليها أوقليدس واضع الأشكال الهندسيّة والبراهين اليقينيّة ، والمقالات العجيبة والأشكال الموقوفة. بعضها على بعض على وجه لا يفهم الثاني ما لم يفهم الأوّل ، ولا الثالث ما لم يفهم الثاني ، وعلى هذا الترتيب فلا يستعدّ لهذا الفن من العلوم إلّا كلّ ذي فطانة وذكاء ، فإنّه من العلوم الدقيقة.
وينسب إليها أرشميدس واضع علم أعداد الوفق على وجه عجيب ، وهو أن يخرج شكلا جميع أضلاعه متساوية طولا وعرضا وأقطاره كذلك ، ويكون جميع سطوره متساوية بالعدد. زعموا أن لهذه الأشكال خواص إذا ضربت في أوقات معيّنة. وأمّا شكل ثلاثة في ثلاثة فمجرب لسهولة الولادة ، وهو أوّل الأشكال وآخرها ألف في ألف. قال أيضا مجرب لظفر العسكر إذا كان ذلك على رايتهم.
وينسب إليها بقراط صاحب الأقوال الكليّة في قوانين الطبّ ، لأن تجربته دلّت على ذلك ، والذي اختاره من القواعد في غاية الحسن قلّما ينتقض شيء منه.
وكان خبيرا بعلم الطب بكلياته وجزئياته.
وينسب إليها جالينوس صاحب علم الطب والمعالجات العجيبة بذكاء نفسه