امرأة عند قبر تقول :
مقيم إلى أن يبعث الله خلقه |
|
لقاؤك لا يرجى وأنت قريب |
تزيد بلى في كلّ يوم وليلة |
|
وتبقى كما تبلى وأنت حبيب |
كان ذلك سبب توبته. وقيل : إنّه ورث من أبيه أربعمائة درهم ، أنفقها ثلاثين سنة ، وصام أربعين سنة ، ما علم أهله أنّه صائم. وكان حرّازا يأخذ أوّل النهار غداءه معه إلى الدكان ، ويتصدّق به في الطريق ، ويرجع آخر النهار يتعشّى في بيته ، ولا يعلم أهله أنّه كان صائما. وكان له داية قالت : يا أبا سليمان أما تشتهي الخبز؟ قال : يا داية بين أكل الخبز وشرب القنيت أقرأ خمسين آية! وقال حفص بن عمر الجعفي : إن داود الطائي مرّ بآية يذكر فيها النار فكرّرها في ليلة مرارا ، فأصبح مريضا ، فوجدوه مات ورأسه على لبنة ، سنة خمس وستّين ومائة في خلافة المهدي.
وينسب إليها أبو تمام حبيب بن أوس الطائي ، الشاعر المفلق ، فاق على كلّ من كان بعده بفصاحة اللفظ وجزالة المعنى ؛ قيل إنّه أنشد قصيدته في مدح المعتصم :
ما في وقوفك ساعة من باس |
|
تقضي ذمام الأربع الدّرّاس |
فلمّا انتهى إلى المديح قال :
إقدام عمرو في سماحة حاتم |
|
في حلم أحنف في ذكاء إياس |
قال بعض الحاضرين : مه! من هؤلاء حتى تشبّه الخليفة بهم؟ فأطرق أبو تمام هنيّة ثمّ رفع رأسه وقال :
لا تنكروا ضربي له من دونه |
|
مثلا شرودا في النّدى والباس |
فالله قد ضرب الأقلّ لنوره |
|
مثلا من المشكاة والنّبراس |