(المسألة التاسعة) : في استحالة الرؤية على الله تعالى
فالذي ذهب إليه العدلية جميعا والنجارية (١) من المجبرة (٢) والخوارج والمرجئة (٣) ، وأكثر الفرق الخارجة عن الإسلام (أن الله تعالى لا يرى بالأبصار) ولا يرى نفسه (لا في الدنيا ولا في الآخرة) ، وذهبت المجسمة وأكثر أهل الجبر إلى أنه يرى نفسه ويراه غيره ، وبعض المجسمة تقول : أنه مدرك بكل الحواس ويرى في جهته على حد رؤية الأجسام ، ويرى بالحاسة من دون معنى ، والأظهر من مذهب الأشعرية (٤) أنه لا يرى بحاسة غير حاسة الرؤية ، وذهب ضرار (٥) إلى أنه يرى بحاسة سادسة غير الحواس الخمس ، واتفقوا جميعا أنه لا يرى في جهة لا خلف ولا أمام ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال. قال أصحابنا : وهذه رؤية غير معقولة.
قال الإمام يحيى بن حمزة ـ عليهالسلام ـ : ويقرب أن يكون الخلاف بيننا وبين
__________________
(١) النجارية : بناحية الري منسوبون إلى الحسين بن محمد النجار.
(٢) المرجئة : سميت بذلك ؛ لتركهم القطع بوعيد الفساق ، وذلك جامع مذهبهم ، ومنهم عدلية وجبرية ، والمجبرة كلهم مرجئة ، والمجبرة يسمون مجورة وقدرية ، ولا يرضون بها ، بل يسمون أنفسهم : أهل السنة ، ويجمع مذهبهم القول بخلق الأفعال وإرادة المعاصي ، وأن الله يعذب من يشاء بغير ذنب ، وأنه تعالى يفعل الفعل لا لغرض ، وأنه لا يقبح منه شيء ، وأن القبائح بقضائه وقدره إلى غير ذلك ، وأما الخوارج فيسمون الشراة والحرورية والمحكمة ويرضون بذلك ، والمارقة ولا يرضون به ، ويجمعهم إكفار عثمان وعلي وكل من أتى كبيرة ، وفرقهم خمس : الأزارقة ، والصفرية ، والإباضية ، والبيهسية ، والنجدات ، وأنشأ مذهبهم عند التحكيم : عبد الله بن الكوّاء وعبد الله بن وهب. ا. ه.
(٣) الخوارج : أهل النهروان الذين خرجوا على أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ ، وهم فرق منهم النجدات والأزارقة والإباضية وغيرهم.
(٤) الأشعرية : هم أتباع أبي الحسن على بن إسماعيل الذي أنشأ مذهب الأشعرية بعد أن كان معتزليا ، شيخه أبو علي الجبائي ، توفي عام ٣٣٠ ه.
(٥) ضرار بن عمرو الغطفاني قاض من كبار المعتزلة طمع في رياستهم في بلده فلم يدركها ، فخالفهم فكفروه وطردوه ، وصنف نحو ثلاثين كتابا ، قال فيه الجشمي : ومن عده من المعتزلة فقد أخطأ ؛ لأنا نتبرأ منه فهو من المجبرة ، توفي نحو ١٩٠ ه ، ا. ه أعلام.