وإن شئت قلت : إذا كان سلب الإطلاق والكلية عن سائر القضايا ، ليس إلّا سلباً نسبياً ـ تابعاً لظرفه ـ لا سلباً مطلقاً ، فكيف يمكن أن يسلب عنها الإطلاق والكليّة في جميع الظروف؟
فتحصّل أن قولهم : ليس لنا إدراك مطلق ، هل هو أيضاً مطلق ، أو لا؟ إن قالوا بالأول ، فقد نقضوا نظريتهم بهذه القضية. وإن قالوا بالثاني ، كان معناه كون جميع الإدراكات ـ غير هذا ـ مطلقة وكليّة.
ب ـ النسبية العلمية
هناك اتّجاه آخر في النسبية يقابل النسبية الفلسفية الّتي هي موضع الاهتمام في نظرية المعرفة ، معروف بالنسبية العلمية ، أو نسبية الحركة والثقل ، وهذه النظرية موروثة من غاليليو (١) (١٥٦٤ ـ ١٦٤٢ م) ، ونيوتن (٢) (١٦٤٢ ـ ١٧٢٧ م) ، وهي خارجة عن مجال بحثنا ، لأنّا نبحث في كون المعرفة مطلقة أو نسبية ، وأمّا كون شيء بوجوده الواقعي ، أمراً إضافياً ونسبياً فلا ننكره ، ولا نبحث عنه. وذلك مثل مقولة الإضافة ، كالأبوة والبنوة ، فإنّ واقعيتها واقعية إضافية ونسبية ، فليس للأبوة والبنوة مفهوم مطلق عند التطبيق على الخارج (لا عند التصور).
ولأجل ذلك فما ذهب إليه ذانك العالمان الغربيان من أنّه لا واقعية للحركة والثقل ، لا يستلزم الشك في المعرفة ، ولا إنكار الواقعيات. والنسبية الّتي ننكرها ونندد بها هي ما تورث الشك والحقائق. وكيف كان ، فإليك بيان ما ذكراه :
قالا : إنّ الثقل ليس له واقعية ، فليس للأجسام ثقل ثابت على وجه الإطلاق ، وإنّما يتعين ويتحدد ثقلها حسب الظروف والمواضع الواقع فيها الجسم. فلذا نرى أنّ الحجر في الماء أخف منه خارجه ، والجسم الموجود على
__________________
(١)oelilaG.
(٢)notweN.