القمر أخفّ كثيراً من الموجود على الأرض ، وغير ذلك من النماذج الّتي تعرب عن أنّه ليس للثقل واقعية محددة.
وكذلك الحركة ، ليس لها واقعية ، لأنّ حركةً واحدة قد تتجلى عند شخص بنحوٍ ، وعند آخر بنحو مغاير. مثلاً : إذا ألقى الجالس في قطار متحرك ، حجراً من النافذة أثناء حركة القطار ، فإنّه يراه يسقط عمودياً على الأرض. بينما يراه الإنسان الواقف خارج القطار يسقط منحنياً. وهذا يكشف عن أنّ حركة الأجسام ليس لها واقعية ثابتة.
ولكن القول بالنسبية العلمية في هذين الموضوعين وأشباههما ، على فرض صحته ، لا يضرّ بنظرية أصحاب اليقين في نظرية المعرفة ، كما عرفت.
هذا ، وما ذكر في الثقل صحيح ، لأنّ واقعية الثقل هي واقعية نسبية وإضافية ، كالأُبوة والبنوة ، والكبر والصغر ، ليس لها عند التطبيق على الخارج (لا عند التصور) واقعية سوى الإضافة إلى شيء ، فيقال : إنّ الأرض أكبر من القمر ، والأرض أصغر من الشمس.
ولكن ما ذكر في الحركة ليس هو إلّا نتيجة خطأ الحواس لا أكثر ، وإلّا فقد اثبتت الأبحاث الرياضية والفيزيائية أنّ لحركة الحجر ـ في المثال ـ حركة واقعية ثابتة ، هي حركة منحنية إلى الامام ، لأنّ الحجر لحظة إلقائه كان متحركاً بحركة القطار ، فيحمل سرعته ويندفع بها إلى الامام ، وفي تلك الأثناء يخضع لتأثير قوة الجاذبية ، الّتي تجذبه إلى أسفل ، فينشأ من ذلك حركة منحنية إلى الامام.
* * *
د ـ النظرية الديالكتيكية أو الديالكتيكيون
ظهرت في أوروبا في القرن السابع عشر فلسفة مادية ، ترى أنّ الوجود يساوي المادة ، وأنّه ليس في دار الوجود إلّا هي وآثارها ، في مقابل ما يراه الإلهيون من أنّ الوجود أعمّ من المادة ومظاهرها وطاقاتها ، وأنّ المادة إنّما هي قسم من الموجودات ، فإنّ هناك موجودات عليا منزّهة عن المادة وآثارها.