الحاصل من تقابل المادة الخارجية مع المادة الدماغية. وما يحصل من تفاعلهما ، هو العلم والتفكير.
توضيح ذلك : إنّ الإدراك أثر مادي ، يتولد في مركز الإدراك من تفاعل المادة الخارجية مع المادة الدماغية ، وليس للإدراك واقعية إلّا الأثر الحاصل من التفاعل ، وهو لا يعادل المادة الخارجية أولاً ، ولا المدة الدماغية ثانياً ، لأنّه وليد المادتين ، والوليد لا يعادل الوالدين.
وبعبارة أُخرى : إنّ التفكير أحد الحوادث المادية البارزة في الدماغ ، فلا علّة لوجوده إلّا تأثّر الأعصاب بخارجها ، وتأثيره فيها. فالأعصاب والعوامل الخارجية أشبه بالآباء والأُمهات ، والأثر الحاصل من تقابلها ، أمر ثالث مغاير لها وجوداً.
مآل الديالكتيكية إلى الشك
إنّ التفسير الديالكتيكي للعلم والفكر ، بالبيان السالف ، يؤدّي إلى الشك ، وسلب العلم بالخارج. وذلك لأنّ المعلومَ الخارجيَّ ـ حسب الفرضية ـ إذا لم يقع في أُفق النفس بما له من الحدود والجهات ، ولم يصل الإنسان إلى الواقعية الخارجية بذاتها وجوهرها ، وكان الحاصل من تفاعل المادتين (وهو الفكر) لا يساوي المادة الخارجية ، ولا المادة الدِّماغية ، فلا نكون عالمين بالواقع الخارجي ، ولا تكون العلوم كاشفة عنه ، فإنّ العلم بالشيء هو انكشافه على ما هو عليه واقعاً ، بحيث لو أُتيح للصورة العلمية الانقلاب إلى الخارج ، لكانت عينه. وهذا لا ينطبق على النظرية المادية الديالكتيكية في مجال العلم ، لفرضها عدم مساواة الفكر للخارج في الحدود والجهات. فالحاصل ـ على هذه النظرية ـ لدى العالم ، شيء وراء الخارج ، ووراء القوة الفكرية ، وإن كان متكوّناً منهما ومتفرِّعاً عنهما ، فيكون وزان العلم ، كالثمرة إلى الشجرة ، والولد إلى الوالدين ، والفرع غير الأصل ، والأساس غير البناء.
إنّ في الفلسفة المشائية نظرية معروفة في باب الوجود الذهني للأشياء ، وهي نظرية الأشباح. تقول هذه النظرية : إنّ الأشياء تنطبع في الأذهان بأشباحها ، لا