هو الحبّ وإنكار الذات لا غير. ولكن في الواقع ، إنّ دافعهن الحقيقي ليس إلّا التسلّط على بناتهن ، والاستفادة من خدماتهن في مشاغلهن المنزلية وغيرها متى كبرن.
مناقشة نظرية فرويد
إنّ هذه النظرية الّتي طرحها فرويد ، ساقطة من جهتين :
الجهة الأولى : لو صحّ ما ذكره فرويد من أنّ كلّ ما يقوم به الإنسان من خير أو شرّ، أو إصلاح أو إفساد ، فإنّما هو تعبير محرّف عن الدوافع الشهوية والجنسية المختزنة في اللاشعور ـ لو صحّ ذلك ـ لكان معناه أن نشطب بقلم عريض على جميع القيم الأخلاقية والمثل الإنسانية ، الّتي تجعل من الإنسان إنساناً.
فإنّ نتيجة هذه النظرية أنّه لا فرق بين الصالح والطالح ، ولا بدّ من المساواة بين الأمين والخائن ، والعميل وخادم الشعب ، باعتبار أنّ هؤلاء جميعاً إنّما يتحركون بلا شعور عن مجموعة الشهوات والغرائز المختزنة في شخصياتهم ، وكلّ منهم يطلب إرضاءها ويسعى لإخماد لهيبها.
فإنّا هنا نحكّم ضمير كل إنسان سليم الفطرة ، أفيصح أن يُقضَى بأن ما يحرّك المناضل المجاهد المكافح من أجل قطع أيادي الاستعمار عن بلاده وثرواتها وثقافتها ، هو عين ما يدفع العميل للأجانب الساعي إلى ضرب شعبه والإغارة على ثرواته وتحطيم ثقافته ، وسوقه تحت نير أسياده المستعمرين ليتمكن من السيادة أياماً معدودات؟! كلا ، ولا.
ورغم ذلك فأصحاب هذه النظرية لا يأبهون بمنطق العقل ، وحكم الوجدان ، ويقولون: أجل ، الصالح والطالح سواء في المبدأ والمختتم ، والغايات والدوافع. فالسلام إذن على الإنسانية وقيمها.
الجهة الثانية : لو صحّت هذه النظرية ، لقضينا على الموضوعية والواقعية في الأفكار والعلوم ، وذلك لأنّه إذا كانت الأفكار والآراء في مجالات المعرفة والاقتصاد والسياسة والدين ، كلُّها تعبيراً عن الدوافع الشهوانية والغريزية المختزنة في