رئيسيين يشتركان في إخراج الصور الذهنية عن الإطلاق ، أولهما هو أنّ للزمان والمكان تأثيراً في تبلور الأشياء بصورها المختلفة لدى المدرِك.
إنّ القول بتأثير هذا العامل في الإدراكات التصورية والتصديقية ، يحطّ من قيمة المعرفة. ومآل هذا إلى أنّ الإنسان لا يقف على الواقع الموضوعي ، وإنّما يقف على ما تقتضيه الظروف الزمانية والمكانية ، وأمّا ما هو الواقع الموضوعي ، فغير معلوم ولا مُدْرَك ، لوقوع الذهن تحت تأثيرها.
ونتيجة ذلك ، جهلنا بالواقع أو الشك في أنّ المعلوم لدينا في تلك الظروف هل هو نفس الواقع أو لا؟
العامل الثالث : القول بتأثير الجهاز الفكري في الإدراك
وهذا ثاني العاملين الرئيسيين للقول بالنسبية وهو أنّ للحسّ والجهاز العقلي الفكري ، دور في اكتساب المعقولات من مقدماتها. فكل ما يدركه الإنسان عن طريق الحسّ والعقل فإنّما هو نتيجة كيفية صنع ذلك الجهاز وكيفية عمله ، وأمّا كون ما أدركه هو نفس الموضوعية الواقعية ، فلا.
وغير خفي على النبيه أنّ نتيجة ذلك هو الجهل بالواقع الموضوعي على ما هو عليه ، والشكّ في كل ما يدركه الإنسان في المسائل العلمية والفكرية ، وذاك نفس ما كان يتبناه الشكاكون الإغريق.
العامل الرابع : تفسير المعرفة تفسيراً ماديّاً
وهذا العامل هو الظاهر من المادية الديالكتيكية ، فإنّهم فسّروا المعرفة تفسيراً ماديّاً ، ولم يكن لها عندهم واقعية سوى الأثر الموجود في الدماغ من تفاعل المادتين الخارجية والدماغية ، وهذا الأثر لا يعادل واحداً منهما وهو بالنسبة إليهما كالولد إلى الوالدين ، وهو لا يعادلهما.
إنّ تفسير المعرفة بهذا المعنى يحطّ من قيمتها ليعود الإنسان في النتيجة جاهلاً بالواقع وشاكّاً في مقدار مطابقة ما لديه ، له.