الصغرى والكبرى ، في حين أنّ الأحكام التجريبيّة تعتمد على الحسّ في الصغرى ، وعلى قياس عقلي خفيّ في الكبرى وهو أنّ حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد.
هذا ، وإنّ الأحكام العقلية على قسمين :
فتارة يكون موضوع الكبرى علّة للحكم في الكبرى ، كما في قولنا : كلُّ متغيّر حادث.
وأُخرى تكون العلّة غير الموضوع المأخوذ في الكبرى ، كما في قولنا : زوايا المثلث مساوية لزاويتين قائمتين ، فإنّنا نقول : هذا مثلث ، وكل مثلث تساوي زواياه زاويتين قائمتين ، فينتج : هذا تساوي زواياه زاويتين قائمتين. والّذي يدلّ على صحة الكبرى هنا ، إنّما هو البرهان الهندسي الّذي أثبت أنّ زوايا المثلث تتساوى مع الزاويتين القائمتين (١٨٠ درجة) من دون أن يتوقف العلم بالكبرى على العلم بالنتيجة في المثلث الشخصي ، لا تفصيلاً ولا إجمالاً. فافهم واغتنم.
* * *
٢ ـ إدراك المفاهيم الكليّة
من العمليات الّتي يقوم بها العقل ، درك المفاهيم الكليّة الّتي لا تأبى الصدق والانطباق على ازيد من فرد واحد. والضيق الموجود في المفاهيم الجزئية منتف فيها. فالأعلام لا تصدق إلّا على من سُمّيت به ، بخلاف «الإنسان» ، فهو ينطبق على أفراد كثيرين (١).
وفي كيفية إدراك العقل نظريتان.
الأُولى : نظرية التجريد والانتزاع.
__________________
(١) فلفظ «أحمد» مثلاً ، لا يصدق إلّا على النبي الأكرم ، لكن بالنسبة إلى الوضع المخصوص به ، ولو صدق على فردٍ آخر فإنّما هو بلحاظ وضعٍ آخر. وهذا بخلاف لفظ «الإنسان» ، فإنّه يصدق بوضعٍ واحد ، على كثيرين.