والمفاهيم الكليّة في الذهن. فوقوفها على الصورة الحسيّة والخيالية يعطيها قدرة الخلق والإبداع ، فتخلق المفاهيم الكليّة في صقع الذهن.
٢ ـ نظرية التكامل والارتقاء
ذهب صدر المتألهين إلى أنّ وقوف النفس على هذه الصور (١) العقلية ، إنّما هو من باب ترقّي المعرفة من درجة إلى أُخرى ، فكما أنّ الصورة الحسيّة تأخذ بالارتقاء وتتبدل إلى المعرفة الخيالية الّتي هي ألطف من الأُولى ، فهكذا تترقى المعرفة الخيالية إلى معرفة ألطف وأكمل ، وهو المفهوم الكلي الصادق على أفراد كثيرين. وليست الرابطة بين الصورتين رابطة التوليد والإنتاج وإنّما هو ارتقاء صورة من منزلة إلى منزلة أُخرى.
نعم ، هناك فرق بين الخيالية والعقلية ، فالخيالية وإن كانت مجرّدة عن الجهة والخصوصيات ، لكنها جزئية لا تنطبق إلّا على فرد واحد ، بخلاف الصورة العقلية ، فإنّها كليّة (٢).
* * *
٣ ـ تصنيف الموجودات
إنّ من عمليات العقل ، تصنيف الموجودات وتأليف المختلفات تحت مفهوم واحد ، فيُدخل الأنواع الكثيرة تحت الجوهر ، وعدّة من الأعراض تحت الكيف ، وأُخرى تحت الكم. وهكذا.
وقد قالوا من قديم الأيام : إنّ الجوهر ينقسم إلى العقل ، والنفس ، والهيولى ، والصورة ، والجسم. وذكروا في انحصاره في الأُمور الخمسة ما هذا حاصله :
__________________
(١) ليست الصور في مصطلح الفلاسفة مساوقة للصور الحسية والخيالية ، بل تطلق أيضاً على المفاهيم الكلية الموجودة في صقع الذهن.
(٢) راجع الأسفار : ١ / ٣١٩. وتعليقة صدر المتألهين على الشفاء : ١٢٩. وللفلاسفة الغربيين رأيان في كيفية إدراك العقل للمفاهيم الكلية سنذكرهما عند البحث عن مراحل المعرفة.