٥ ـ التركيب والتلفيق
ومن عمليات العقل ، التلفيق والتركيب :
أمّا التلفيق ، فيكون في مجال التصور ، حيث يقوم العقل بالجمع بين بسيطين وإبداع شيء ثالث منهما في صقع الذهن ، كتصور فرس بجناحين.
وأمّا التركيب ، فيكون في مجال التصديق ، حيث يقوم العقل بتركيب قضيتين ويستنتج منهما نتيجة قاطعة.
وقد اعتنت الفلسفة الغربية بهذا القسم من عمليات العقل ، وركز عليهما الفيلسوف الطائر الصيت «جان لوك» وبعده «كانت» ، فجاءا بمفاهيم جديدة في الفلسفة.
* * *
٦ ـ درك المفاهيم الإبداعية
وإن من عمليات العقل ، صنع مفاهيم ليس لها في الخارج مصداق تنطبق عليه ، وإن كان العقل لا يستغني عن لحاظ الخارج في صنعها. وبعبارة أُخرى : ليس لها مصداق في الخارج ، وإن كان لها منشأ انتزاع.
وهذا كمفهومي الإمكان والامتناع ، فليس لنا في الخارج شيء نسميه بالإمكان أو نسميه بالامتناع ، وإنّما هما من المفاهيم الإبداعية للنفس بعد قياس الماهية إلى الخارج. فإذا لاحظ مفهوم «الإنسان» ، ورأى أنّ نسبة الوجود والعدم إليه في الخارج سواء ، يصفه بأنّه ممكن الوجود ، ويبدع مفهوم الإمكان وليس له مصداق في الخارج ، إذ ليست التسوية أمراً متحققاً فيه حتّى تقع مصداقاً للإمكان ، ومثله الامتناع ، كما إذا لاحظ مفهوم اجتماع النقيضين ورأى أنّ اتّصافه بالوجود في الخارج غير قابل للتحقق ، فيصفه بأنّه ممتنع الوجود ، فيبدع مفهوم الامتناع ، وليس للامتناع مصداق في الخارج.
وكم للنفس من مفاهيم إبداعية ليس لها مصاديق خارجية ، وإن كان لها مناشئ.