٢. الفرع ، وهو الجزئي الّذي نريد أن نتعرّف على حاله.
٣. الجامع ، وهو جهة المشابهة بين الأصل والفرع ، كالحيوانية في المقام.
٤. الحكم ، وهو ما علم ثبوته للأصل ، والغرض إثباته للفرع ، كتحريك الفكّ الأسفل.
ثمّ إنّ المعروف تقسيم الاستقراء إلى قسمين : تام وناقص.
فالاستقراء التامّ هو تصفّح حال جميع الجزئيات بأسرها ، كما إذا تجوّل في جميع شوارع بلد خاص ، ولم يستثن أي شارع منها ، فرآها جميعها نظيفة ، مشجّرة ، معبَّدة ، فيقول عند توصيف هذا البلد : شوارع هذا البلد كلّها نظيفة ، مشجّرة ، ومعبّدة.
والاستقراء الناقص هو أن لا يفحص المستقرئ إلّا بعض الجزئيات ، كمثال الحيوان ، فإنّه باستقراء الكثير من أنواعه ـ لا جميعها ـ يجد أنّها تحرّك فكّها الأسفل عند المضغ ، فيحكم على ما لم يره من الحيوانات بذلك ، مؤسساً قاعدة كليّة هي : كل حيوان يحرّك فكّه الأسفل عند المضغ.
قيمته العلميّة
الاستقراء التام في الحقيقة ، ليس من مقولة الاستدلال والاستنباط ، ولا يستكشف فيه حال مجهول من معلوم ، وإنّما هو إعادة جمع وصياغة ما شاهده الإنسان ، في قالب واحد ، ففي المثال المذكور يصب الإنسان كلّ انطباعاته عن شوارع البلد الّذي تجوّل فيه ، في قالبٍ جامع ، ويقول : كل الشوارع كذا وكذا. فهو بدلاً من أن يتكلم بالتفصيل ، يكتفي بالإجمال.
إنّما الكلام في الاستقراء الناقص ، الّذي يعد من أقسام الاستدلال.
المعروف عند القدماء أنّ الاستقراء الناقص غير مفيد للعلم ، لأنّه ما دمنا لم ندرس جميع جزئيات الحيوان ـ مثلاً ـ فكيف يجوز لنا الحكم بأنّ كل حيوان يتحرك فكّه الأسفل عند المضغ ، إذ من المحتمل أن يكون هناك حيوان يعيش في الغابات وأعماق البحار ـ لم ندركه ـ يتحرك فكّه الأعلى عند المضغ ، كما ثبت بعد ذلك في