٤. ويقول سبحانه : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (١). والمراد رؤية الجحيم قبل يوم القيامة ، رؤية قلبية. وهذه الرؤية غير متحققة لمن ألهاه التكاثر ، لأنّها من آثار اليقين ، ومن ألهاه التكاثر خلو منه.
٥. ويقول سبحانه : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (٢). فلو أقام الإنسان نَفْسَه في مسير الهداية ، وطلبها من الله سبحانه ، زاده تعالى هدى وآتاه تقواه. ولا تختص الهداية بالعمل حتّى تُفَسَّر بتوفيقه سبحانه للطاعات ، بل هي أوسع من ذلك.
٦. ويقول سبحانه : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) (٣). والآية تبيِّن حال أصحاب الكهف الذين اعتزلوا قومهم وتغرّبوا حفظاً لدينهم ، فزاد الله من هداه فيهم ، وربط على قلوبهم ، كما يقول سبحانه : (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) (٤).
فهذه الآيات تُعرب عن أنّ نافذة الفتوحات الباطنية ، والمكاشفات والمشاهدات الروحية ، والإلقاءات في الرَّوْع ، غيرُ مسدودة ، بل هي تتنزل على الأمثل فالأمثل من أفراد الأُمّة.
الإمام علي والإنسان المثالي
وللإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، تصريحات وإشارات إلى انفتاح هذه النافذة في وجه الإنسان :
١. يقول عليهالسلام في المتّقي : «قد أحيا عَقْلَه ، وأمات نفسه ، حتّى دقَّ جليلُه ، ولطف غليظه ، وبرق له لامعٌ كثير البرق ، فأبان له الطريق ، وسلك
__________________
(١) التكاثر : ٣ و ٤.
(٢) محمد : ١٧.
(٣) الكهف : ١٣.
(٤) الكهف : ١٤.