الفصل الخامس
مراحل المعرفة
كان اللازم بعد الفراغ من قيمة المعرفة ، وأداتها ، البحث عن موضوعات المعرفة الّتي يمكن أن تقع عليها المعرفة وما لا يمكن. غير أنّه لما كان لمراحل المعرفة صلة وثيقة بالبحث عن أداتها ، قدمناه بالبحث.
إنّ الفلاسفة في هذا المجال على طائفتين :
فمنهم من يقول بأنّ للمعرفة مرحلة واحدة فقط.
ومنهم من يعتقد بتعدد مراحلها.
والنظرية الأُولى ، أعني وحدة مراحل المعرفة مترتبة على القول بوحدة أداة المعرفة ، كما أنّ النظرية الثانية مترتبة على تعدد أدواتها.
أمّا القائلون بوحدة أداة المعرفة ـ كالقائلين بانحصارها في الحسّ ، أو في العقل ـ فيحاولون إرجاع جميع مراحلها إلى مرحلة واحدة.
مثلاً : القائلون بانحصار أدوات المعرفة بالحسّ ، إذا واجهوا المفاهيم الكلية الّتي يدركها الإنسان في ذهنه من دون أن يكون للحسّ إليها سبيل ، يقولون بأنّ المفاهيم الكليّة ليست إلّا الفرد المبهم من دون أن يكون وراءه شيء آخر. فكلُّ فردٍ إذا أدركه الإنسان بمشخصاته ومميزاته ، يكون المدرَك جزئياً محسوساً ، ولكن ربما يحاول الإنسان تناسي المشخصات والمميزات ، فعند ذلك يتبلور هذا