ب ـ نظرية أصحاب الفلسفة المادية الديالكتيكية
إنّ أصحاب هذه الفلسفة يعتقدون بتعدد مراحل الفلسفة ، كأصحاب الفلسفة العلمية ، غير أنّهم يبينون تعدد المراحل بالشكل التالي :
١. مرحلة الحسّ.
٢. مرحلة التعقل.
٣. مرحلة العمل والتجربة.
ونحن نقرّر ذلك في ظل مثال :
افرض أنّ إنساناً يريد أن يطّلع على علّة مرضٍ خاص كالسلّ ، فيريد أن يقف على علائمه وآثاره ، وعلله وموجباته ، ودوائه الناجع في اقتلاعه من المجتمع ، فعند ذلك يحين أوان المرحلة الأولى ، فيتفحص حياة المبتلين بالسلّ وكيفية عيشهم وأماكن سكنهم ومحيطهم ، فيجمع عن الجميع معلومات خاصة يجمعها قولنا : إنّ السائد عليهم هو العيش في أمكنة مظلمة ملوثة بالدخان والغبار ، ويتغذّون بأطعمة فاقدة للقيمة الصحيّة والغذائية.
ثمّ بعد ذلك يأتي أوان المرحلة الثانية ، وهي مرحلة التعقل ، وهي عبارة عن مطالعة تلك المعلومات ، وحَدْس العلة الحقيقية الكامنة وراء حدوث هذا المرض وتكوّن جراثيمه في البدن. وعند ذاك توضع الفرضيات العلمية ، إذ يحدس هذا العالم أنّ العلة هي ذي ، وآخر أنها ذِهْ وثالث أنّها تلك.
ثمّ إذا تمّت المرحلة الثانية ، وعرض العلماء والمفكّرون فروضهم لظهور هذا المرض ، يأتي أوان مرحلة التجربة ، فإنّ الفروض لا تُعلم صحتها إلّا بالتجربة ، فإذا قام المجرّبون بعملياتهم التجريبية في المختبرات ، يُميَّزُ الفرض الصحيح من الفروض الباطلة.
هذه هي مراحل المعرفة المختلفة. والمعرفة في ضوء المثال المتقدم تبدأ من الحس إلى العقل ، ومن العقل إلى التجربة.
وإن شئت قلت : المعرفة عبارة عن حركة المادة إلى جانب الشعور والتعقل ومنه إلى جانب المادة الخارجية.