القسم الآخر الذي يعبر عنه بالعلم الحضوري ، فلا يشمله. ويظهر ذلك بتعريف كلا القسمين وبيانه.
امّا العلم الحصولي فهو عبارة عن حصول صورة من الشيء بإحدى الحواس الظاهرية ، في النفس. فإنّا إذا أطللنا بنظرنا إلى الكون ورأينا فيه جبالاً ونباتات وحيوانات ، تأخذ أعيننا صوراً من هذه الأشياء ، تنتقل بعد عمليات فيزيائية وكيميائية إلى الذهن ، ليتحقق عندها الإبصار.
وحَظُّ الإنسان عندئذٍ من إدراك الواقع ، هو إدراك صورة علمية منه ، لا الواقع نفسه، إذ من الضروري أنّ الواقع له آثار حقيقية كالحرارة والبرودة ، والإنسان عند ما يشاهد النار والثلج ، لا ينال منهما إلّا الصورة العلمية ، لا الآثار الواقعية الموجودة فيها. وهذا ما يُعنى من أَنّ العلم الحصولي هو الصورة الحاصلة في النفس من الشيء.
وعلى ضوء ما ذكرنا ، فالعلم الحصولي يتقوم بأمور ثلاثة :
١ ـ الإنسان المدرِك (بالكسر).
٢ ـ الشيء المدرَك (بالفتح) الموجود في الخارج ، الذي يقال له في مصطلح الفلسفة «المعلوم بالعرض».
٣ ـ الصورة الذهنية الحاصلة من الشيء ، في النفس ، التي يطلق عليها في ذلك الاصطلاح «المعلوم بالذات».
وليست تسمية الشيء بكونه «معلوماً بالعرض» ، والصورة العلمية بكونها «معلوماً بالذات» ، اعترافاً بأصالة الذهن والذهنيات ، وفرعية الخارج ، حتى نتهم بالمثالية ، وإنّما ذلك الأجل أنّ ما يناله الانسان في حقل ذهنه ومدارك معرفته هو الصورة العلمية لا غير. وأمّا الخارج ، فانه انما يناله عن طريق هذه الصورة بما لها من الطريقية والكاشفية عن الخارج ، ولذا استحق ما يناله الانسان أوّلاً تسمية «المعلوم بالذات» وما يناله ثانياً بفضل هذه الصورة ـ تسمية «المعلوم بالعرض».
هذه حقيقة العلم الحصولي.