الفصل السادس
ملاك الحقائق والأوهام
تمهيد
لقد طال الحوار محتدماً بين أنصار الحقائق والأوهام ، وكان لكلٍّ أعوان ، فلم يبرح الحجاج قائماً على ساق عبر قرون متطاولة بين الطرفين. فإذا كانت الحال هذه ، فيجب على كل ذي لبّ أن يتعرف على ملاك الحقيقة ما هو؟. وملاك الوهم ما هو؟ ، وأنّه كيف توصف قضية بكونها حقة ، وأُخرى بكونها باطلة؟ ، أو يحكم على فكر بالصواب ، وعلى آخر بالخطإ؟ أو على خبر بأنّه صادق ، وعلى آخر بأنّه كاذب؟
ثمّ بعد التعرف على الملاك الّذي يكون به الشيء حقّاً أو باطلاً ، لا بدّ من معرفة الطريق الّذي نستكشف به وجود ذلك الملاك ، ليكون سلوكه موصلاً إلى ما نتطلبه من حقيقةٍ وصدقٍ وصواب.
والبحث الأول بحث ثبوتي ، نبحث فيه عن الملاك الواقعي لاتّصاف القضايا في نفسها بالحقيقة أو البطلان ، سواء أكانت هناك معرفة أم لا. وأمّا البحث في الثاني فإثباتي ، وهو طريق معرفتنا باتّصاف القضية المطروحة أمامنا بأحد ذينك الوصفين.
وإن شئت فعبّر عن البحث الأول بقولك : ما هو ملاك كون شيء حقيقة أو وهماً؟