فتلخص من ذلك أنّ ميزان الصواب والخطأ في الفلسفة الإسلامية انطباق القضية المدركة مع واقعها.
أقسام القضايا ووقائعها
لما كان ملاك الصحة والبطلان ، والخطأ والصواب ، انطباق القضايا على واقعها ، فلا بُدّ من بيان أقسام القضايا وواقع كل منها ، وكيفية انطباقها عليه ، فنقول :
تنقسم القضايا إلى ثلاثة أقسام رئيسية : خارجية ، وحقيقية وذهنية(١).
فالقضية تتصف بالخارجية ، إذا كان الحكم فيها على موضوع لا ينطبق إلّا على الأفراد الموجودة في زمان الحكم فقط. كقولنا : «هلكت المواشي» ، و «قُتل من في المعسكر».
وتتصف بالحقيقية ، إذا كان الحكم فيها ناظراً إلى الأفراد المحققة حال الحكم والآتية بعده ، كقولنا : «كل جسم متناه ، أو متحيّز ، أو منقسم إلى غير النهاية».
وتتصف بالذهنية ، إذا كان الحكم فيها على الأفراد الذهنية ، كقولنا : «الكلي إما ذاتي (كالحيوان) أو عرضي (كالضاحك). والذاتي إمّا جنس أو فصل».
أمّا ملاك الصدق والانطباق في القضايا الخارجية ، فهو باعتبار نسبتها إلى ما في الخارج حال الحكم ، فإذا هلكت جميع المواشي في المرعى ، أو جميع من كان في المعسكر ، كانت القضيتان صادقتين ، وإلّا فكاذبتان.
ومثل ذلك القضايا الحقيقية ، فهي صادقة إذا طابقت نسبتها الخارج الفعلي والمستقبلي. أمّا في جانب الأفراد الموجودة بالفعل ، فواضح. وأمّا في جانب
__________________
(١) بما أنّ البحث في المقام في القضايا المستعملة في العلوم ، لذا لم نذكر القضية الشخصية أو الجزئية مثل قولنا : «زيد قائم». ويظهر حالها ممّا نذكره في القضايا الخارجية.